الْإِشْهَادُ بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِالْحَائِطِ الْمَائِلِ، فَإِنَّ الْإِشْهَادَ فِيهِ مُوجِبٌ لِضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ: لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكُرُومِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَخَافُ تَلَفَ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَنَطْحِ الثَّوْرِ وَعَقْرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَضْمَنُ النَّفْسَ وَالْأَمْوَالُ تَبَعًا لَهَا إذَا لَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ يَهْدِمْ. اهـ. فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْ الزَّيْلَعِيِّ وَمُنْلَا خُسْرو؛ لِأَنَّ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ فَالْإِشْهَادُ فِيهِ مُفِيدٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ وَكَلَامُ مُنْلَا خُسْرو فِي كَلْبِ الْعِنَبِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ. قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَنْ الْقَاضِي بَدِيعٍ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ لَا فِي الْحَيَوَانِ. اهـ. لَكِنْ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِالضَّمَانِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فِي حِصَانٍ اعْتَادَ الْكَدْمَ وَكَذَا فِي ثَوْرٍ نَطُوحٍ مُسْتَنِدًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْقُنْيَةِ فِي نَطْحِ الثَّوْرِ يَضْمَنُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ النَّفْسَ وَالْمَالَ قَالَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الضَّمَانِ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ. اهـ. هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ.
(سُئِلَ) فِي ثَوْرٍ انْفَلَتَ نَهَارًا بِنَفْسِهِ مِنْ دَارِ صَاحِبِهِ فِي غَيْبَتِهِ بِلَا صُنْعِهِ فَدَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ وَأَكَلَ لَهُ حِنْطَةً وَشَعِيرًا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَابَّةٌ لِرَجُلٍ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ إرْسَالِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَأَفْسَدَتْ زَرْعَ غَيْرِهِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَلَا عُدْوَانَ إلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ بَزَّازِيَّةٌ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ وَفِي الْعُيُونِ غَنَمٌ دَخَلَتْ بُسْتَانًا فَأَفْسَدَتْهُ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا يَسُوقُهَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْهُ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا الثَّوْرُ وَالْحِمَارُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا كَانَتْ الْمَوَاشِي تَرْعَى فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ زَرْعٍ وَلَمْ يَكُنْ أَرْسَلَهَا أَحَدٌ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِلْحَدِيثِ «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي جَمَّالٍ مَعَهُ عِدَّةُ جِمَالٍ مُحَمَّلَاتٍ سَائِقُهَا فِي طَرِيقٍ عَامٍّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ سَفْحُ جَبَلٍ وَالْآخَرُ وَادٍ عَمِيقٌ فَجَاءَ زَيْدٌ بِجَمَلِهِ الْمُحَمَّلِ مِنْ طَرَفِ السَّفْحِ وَسَاقَهُ عَلَى حِذَاءِ جِمَالِ الْجَمَّالِ وَنَهَاهُ الْجَمَّالُ مِرَارًا فَلَمْ يَنْتَهِ فَصَدَمَ جَمَلًا مِنْ جِمَالِهِ وَأَوْقَعَهُ فِي الْوَادِي بِسَبَبِ سَوْقِهِ فَهَلَكَ الْجَمَلُ الْمَذْكُورُ فَهَلْ يَلْزَمُ السَّائِقَ قِيمَةُ الْجَمَلِ بَعْدَ الثُّبُوتِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ إكْدِيشَهُ لِرَاعٍ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ لِيَرْعَاهُ وَيَتَعَهَّدَهُ بِالْحِفْظِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَدَفَعَهُ الرَّاعِي إلَى عَمْرٍو بِدُونِ إذْنِ زَيْدٍ مَالِكِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَفَارَقَهُ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ نَحْوِ شَهْرٍ رَدَّهُ مَفْقُوءَ الْعَيْنِ فَهَلْ يَضْمَنُ الرَّاعِي رُبْعَ قِيمَتِهِ لِصَاحِبِهِ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ» كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لِلْعَلَائِيِّ.
(سُئِلَ) فِي ثَوْرٍ مُشْتَرَكٍ نِصْفَيْنِ بَيْنَ زَيْدٍ وَأَيْتَامٍ وَلَهُمْ وَصِيٌّ عَلَيْهِمْ طَلَبَ وَصِيُّهُمْ الثَّوْرَ مِنْ زَيْدٍ لِيَكُونَ عِنْدَهُ فِي نَوْبَةِ الْأَيْتَامِ فَامْتَنَعَ وَتَكَرَّرَ الطَّلَبُ وَالْمَنْعُ حَتَّى انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ تَضْمِينَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَتَرَكَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْأَيْتَامِ فَهَلْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي جَمَلٍ ضَرَبَهُ الرَّاعِي بِعَصًا عَمْدًا عَلَى رِجْلِهِ فَكَسَرَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ قِيمَتَهُ؟
(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ (أَقُولُ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَيْنِ أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي عَيْنِ بَقَرَةٍ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ أُذُنَهَا أَوْ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا وَكَذَا لِسَانُ الثَّوْرِ وَالْحِمَارِ وَقِيلَ جَمِيعُ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ إحْدَى قَوَائِمِهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَيْ لَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ، وَإِنْ مَأْكُولًا خُيِّرَ كَمَا مَرَّ فِي الْعَيْنَيْنِ لَكِنْ فِي الْعُيُونِ إنْ أَمْسَكَهُ لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعَرَجُهَا كَقَطْعِهَا. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ فَفِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ لَوْ قَطَعَ إحْدَى قَوَائِمِهِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِهْلَاكٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا الْمَأْكُولُ، فَإِنَّهُ