للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَقْضِهِ بَعْدَهُ، هَذَا إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ بَنَى لِلْمُسْلِمِينَ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ: لَا، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ وَالْقُعُودُ فِي الطَّرِيقِ لِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ عَلَى هَذَا وَفِي غَيْرِ النَّافِذَةِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ أَحَدٌ بِإِحْدَاثِ مَا ذَكَرْنَا مُطْلَقًا أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ أَيْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ لِأَنَّ الطُّرُقَ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا فَهُمْ شُرَكَاءُ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّونَ بِهَا الشُّفْعَةَ وَالتَّصَرُّفَ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لَهُ، لَا يُمْلَكُ إلَّا بِإِذْنِ الْكُلِّ أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ النَّافِذِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ مِلْكٌ وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ مِنَحٌ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ لِلْوَالِي أَنْ يُعْطِيَ مِنْ طَرِيقِ الْجَادَّةِ أَحَدًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا إلَّا لِلْخَلِيفَةِ قَالُوا وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَجْعَلَ مِلْكَ الرَّجُلِ طَرِيقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ.

(سُئِلَ) فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهَا دُورٌ لِجَمَاعَةٍ ذِمِّيِّينَ يُرِيدُ أَحَدُهُمْ أَنْ يُحْدِثَ فِي وَسَطِ السِّكَّةِ بِنَاءً وَيُقْسِمَ حِصَّةً مِنْهَا بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْبَقِيَّةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَيْسَ لِأَصْحَابِهَا أَنْ يَبِيعُوهَا، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْ يَقْتَسِمُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ إذَا كَثُرَ فِيهِ النَّاسُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا هَذِهِ السِّكَّةَ حَتَّى يَخِفَّ الزِّحَامُ عِمَادِيَّةٌ فِي وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوهَا فِي دُورِهِمْ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الْمُرُورُ فَقَطْ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعٍ فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ السِّكَكُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ أَنْ يَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا لِصَبِّ الْمَاءِ، وَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْ يُدْخِلُوهَا فِي دُورِهِمْ، وَإِنَّمَا لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا وَيَجْلِسُوا عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ.

(سُئِلَ) فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ فِيهِ دُورٌ لِجَمَاعَةٍ فَحَفَرَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِئْرَ بَالُوعَةٍ يُنْزِلُ فِيهِ أَنْجَاسَ دَارِهِ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الزُّقَاقِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ أَحْدَثَ رَجُلٌ آخَرُ فِيهَا شَيْئًا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ كُلِّ أَهْلِ السِّكَّةِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَمَا يُصْنَعُ فِي السِّكَكِ مِنْ الْكُنُفِ وَالْمَيَازِيبِ إنْ حَدِيثَةً لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَهْدِمَهُ، وَإِنْ قَدِيمَةً تُرِكَتْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْحَدِيثَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ أَحَدًا لَمْ أَهْدِمْهُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ، وَفِي غَيْرِ النَّافِذَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِإِحْدَاثٍ مُطْلَقًا أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ؛ لِأَنَّهُ كَالْمِلْكِ الْخَاصِّ بِهِمْ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ.

(أَقُولُ) قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ مُخَالِفٌ لِمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ مَا هُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

قَالَ الْمُؤَلِّفُ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحِبِّ الدِّينِ الْقُطْبِيُّ الْحَنَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ جَعَلَ بَالُوعَةً بِمِيزَابٍ خَارِجٍ عَنْ جُدْرَانِهِ فِي مَمَرٍّ غَيْرِ نَافِذٍ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ بِالطَّرْطَشَةِ بِالْقَذِرِ وَالنَّجَاسَةِ وَلَهُ أَيْضًا بَيَّارَةٌ بَيْنَ الْجُدْرَانِ وَهِيَ ضَارَّةٌ بِأَسَاسِ الْجُدْرَانِ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَجَابَ إنْ كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا مَنَعَهُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ مِنْ كِتَابِ الْمَوَاتِ وَالطُّرُقِ: دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَحْفِرَ بِئْرَ بَالُوعَةٍ عَلَى بَابِهَا خَارِجَ دَارِهِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ، فَإِنْ غَطَّى رَأْسَهَا وَكَبَسَهَا وَجَعَلَ طَرِيقَ الْوُصُولِ إلَيْهَا مِنْ الدَّاخِلِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ سَبَبُ الِانْهِيَارِ وَهُوَ سَبَبُ الْوُصُولِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ.

جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ: طَرِيقٌ غَيْرُ نَافِذٍ كَانَ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعُوا فِيهِ الْخَشَبَ وَأَنْ يَرْبِطُوا فِيهِ الدَّوَابَّ وَأَنْ يَتَوَضَّئُوا فِيهِ، وَإِنْ عَطِبَ إنْسَانٌ بِالْوُضُوءِ وَالْخَشَبِ لَا يَضْمَنُ وَاضِعُ الْخَشَبِ، وَإِنْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ يَضْمَنُ وَيُؤَاخَذُ بِأَنْ يَطِمَّ الْبِئْرَ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمُشْتَرَكِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>