للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَحْبِسَهُ عَنْ صَاحِبِهِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَك قِيمَةَ الْبِنَاءِ. وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى سُؤَالٍ آخَرَ: لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى بِنَائِهِ أَمَّا صَاحِبُ الْعُلُوِّ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِعُلُوِّهِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِمَالِكٍ، وَأَمَّا صَاحِبُ السُّفْلِ فَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِذِي الْعُلُوِّ لَيْسَ لَك طَرِيقٌ إلَى حَقِّك سِوَى أَنْ تَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِك إنْ شِئْت حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ عُلُوِّك ثُمَّ ابْنِ عُلُوَّك وَامْنَعْ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَلَك السُّكْنَى فِي عُلُوِّك وَالسُّفْلُ كَالرَّهْنِ فِي يَدِك حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ بِنَاءِ السُّفْلِ وَقَالَ الْخَصَّافُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا أَنْفَقَ وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ إنْ بَنَى بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ، وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْبِنَاءِ لَا وَقْتَ الرُّجُوعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَاضِي خَانْ وَالْعَيْنِيِّ عَلَى الْكَنْزِ وَالْمُنْيَةِ وَغَيْرِهَا وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْحَانُوتِيُّ مُفَصَّلًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(أَقُولُ) بَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ صَاحِبُ السُّفْلِ الِانْتِفَاعَ بِسُفْلِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ؟ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَتِهِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ هَذَا لَوْ بَنَى ذُو الْعُلُوِّ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي فَلَوْ بِإِذْنِهِ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ حِصَّتِهِ وَيُحْبَسُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَإِذْنِهِ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الدُّيُونِ تَأَمَّلْ. اهـ.

(سُئِلَ) فِي سُفْلٍ هَدَمَهُ صَاحِبُهُ وَامْتَنَعَ مِنْ بِنَائِهِ وَلِزَيْدٍ جَارِهِ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِعُلُوِّ ذَلِكَ السُّفْلِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ لِتَعَدِّيهِ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي شَهَادَاتِ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ لَوْ هَدَمَاهُ وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْبِنَاءِ يُجْبَرُ وَلَوْ انْهَدَمَ لَا يُجْبَرُ وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ نَصِيبَ مَا أَنْفَقَ فِيهِ مِنْهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي خُلَاصَةٌ مِنْ الْحِيطَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْعِمَادِيَّةِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ وَذُو الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ أَخَذَ ذُو السُّفْلِ بِبِنَاءِ سُفْلِهِ إذْ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا. اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَى ذِي الْعُلُوِّ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَطَلَبَ مِنْ ذِي الْعُلُوِّ بِنَاءَ عُلُوِّهِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِغَيْرِ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي إلَخْ بَحْرٌ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ الْكَلَامَ عَلَى عِبَارَةِ الْبَحْرِ هَذِهِ فَرَاجِعْهُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَضَعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ فِي عُلُوِّهِ جِذْعًا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَدِيمِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ صَاحِبُ السُّفْلِ وَيُرِيدُ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَفْعَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : إذَا أَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي السُّفْلِ تَصَرُّفًا نَحْوُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهِ بَابًا أَوْ يَنْقُبَ فِيهِ كُوَّةً أَوْ يُدْخِلَ فِيهِ جِذْعًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الْعُلُوِّ سَوَاءٌ كَانَ يَضُرُّ ذَلِكَ صَاحِبَ الْعُلُوِّ أَوْ لَا يَضُرُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا فِيمَا لَا يَضُرُّ بِهِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْعُلُوِّ بِنَاءً أَوْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعًا أَوْ يُحْدِثَ فِيهِ كَنِيفًا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ عِمَادِيَّةٌ فِي مَسَائِلِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ وَأَطَالَ فِي دَلِيلِهِمَا مُؤَخِّرًا دَلِيلَ الْإِمَامِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْبَحْرِ وَالْعَلَائِيِّ مِنْ الْقَضَاءِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحْدَثَ ذُو الْعُلُوِّ فِيهِ بِنَاءً يَضُرُّ بِالسُّفْلِ بِدُونِ رِضَا صَاحِبِهِ وَلَا إذْنٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَطَلَبَ ذُو السُّفْلِ هَدْمَ الْبِنَاءِ لِإِضْرَارِهِ بِسُفْلِهِ فَهَلْ يُجَابُ وَيُهْدَمُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْحِيطَانِ: إذَا ثَبَتَ حُدُوثُهُ وَوَضْعُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ هَدْمُهُ وَيَحْكُمُ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إلَخْ. اهـ. .

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِمَالِكِ الْبَيْتِ السُّفْلِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ مَالِكِ الْعُلُوِّ فَهَلْ يُمْنَعُ ذُو الْعُلُوِّ مِنْهُ؟

(الْجَوَابُ) : الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يُمْنَعُ ذُو الْعُلُوِّ مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِمَالِكِ الْبَيْتِ السُّفْلِيِّ إنْ عُلِمَ يَقِينًا، وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُهُ يَقِينًا لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ أُشْكِلَ يُمْنَعُ إلَّا بِرِضَا ذِي السُّفْلِ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ لَهُمَا بَصَارَةٌ فِي ذَلِكَ وَالسَّقْفُ السُّفْلِيُّ وَجُذُوعُهُ وَهَرَاوِيهِ وَبِوَارِيهِ وَطِينُهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ غَيْرَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>