للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى تَمْكِينِ الْآخَرِ مِنْ إفْسَادِ دَارِهِ وَإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوَاعِد الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، وَقَدْ قَالُوا: الضَّرَرُ الْخَاصُّ يُتَحَمَّلُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَلَا يُتَحَمَّلُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الْخَاصِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْأَشْبَاهِ، فَإِنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ جُنَيْنَةً مُلَاصِقَةً لِجِدَارِ دَارِ جَارِهِ وَصَارَ يَسْقِيهَا بِالْمَاءِ وَيَتَعَدَّى الضَّرَرُ إلَى الْجِدَارِ الْمَذْكُورِ لِكَوْنِ الْأَرْضِ رَخْوَةً وَيُرِيدُ الْجَارُ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ مَنْعُهُ؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً لَهُ مَنْعُهُ. غَرْسٌ بِجَنْبِ دَارِ جَارِهِ يُبَاعِدُ عَنْ حَائِطِ الْجَارِ قَدْرَ مَا لَا يَضُرُّهُ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِالْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْقِسْمَةِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بَالُوعَةٌ فِي دَارِهِ انْهَدَمَ بَعْضُ حَافَّتَيْ الْبَالُوعَةِ وَصَارَ يَجْرِي مِنْهَا الْمَاءُ إلَى أَرْضِ دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو وَحِيطَانِهَا وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرًا بَيِّنًا وَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ إصْلَاحَهَا وَحَسْمَهَا وَمَنْعَ الضَّرَرِ عَنْهُ فَهَلْ يُجَابُ عَمْرٌو إلَى ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : لِلْمَالِكِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمُخْتَارُ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بَيِّنًا وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ أَوْ يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ يَخْرُجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ مِنْ الْقِسْمَةِ فَيُجَابُ عَمْرٌو إلَى ذَلِكَ قَالَ فِي الولوالجية مِنْ آخِرِ الصُّلْحِ رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ فِي دَارِهِ بُسْتَانًا لَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً وَلَا يَتَعَدَّى ضَرَرُ الْمَاءِ إلَى جِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً ذَاتَ نَزْوٍ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى جِدَارِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

نَهْرٌ جَرَى فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْبَثَقَ وَخَرَّبَ بَعْضَ الْأَرَاضِيِ لِمُلَّاكِ الْأَرَاضِيِ مُطَالَبَةُ أَرْبَابِ النَّهْرِ بِإِصْلَاحِ نَهْرِهِمْ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرَاضِيِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الشُّرْبِ وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ النَّوَازِلِ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ مَجْرَى أَوْسَاخٍ قَدِيمٍ لِدُورِهِمْ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ فِي طَرِيقِ مَحَلَّتِهِمْ وَانْهَدَمَتْ إحْدَى حَافَّتَيْهِ وَصَارَ الْوَسَخُ يَنْزِلُ إلَى بِئْرِ مَاءٍ لِذِمِّيٍّ فِي دَارِهِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْمَجْرَى وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبَ مَنْعَ ذَلِكَ عَنْ بِئْرِهِ وَحَسْمَهُ عَنْهُ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُجَابُ إلَى دَفْعِ الضَّرَرِ الْمَذْكُورِ عَنْهُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ النَّفَقَةِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَمَّرَ فِي دَارِهِ حَانُوتًا وَأَعَدَّهُ لِحِيَاكَةِ عَبِيِّ الصُّوفِ دَائِمًا وَجَعَلَ فِيهِ لِذَلِكَ أَنْوَالًا فِي الْأَرْضِ بِجَانِبِ حِيطَانِ جَارِهِ وَصَارَ عُمَّالُ الرَّجُلِ يَحِيكُونَ الْعَبِيَّ الْمَزْبُورَةَ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ وَهَنٌ لِبِنَاءِ حَائِطِ الْجَارِ وَدَارِهِ بِكَثْرَةِ الدَّقِّ الشَّدِيدِ الْعَنِيفِ الْمُوهِنِ لِلْبِنَاءِ الْمُضِرِّ لِلْجَارِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَيُرِيدُ الْجَارُ مَنْعَ الرَّجُلِ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ إثْبَاتِ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْجَارِ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ دَارِهِ تَنُّورًا لِلْخُبْزِ الدَّائِمِ أَوْ رَحًى لِلطَّحْنِ أَوْ مِدَقَّةً لِلْقَصَّارِينَ يُمْنَعُ عَنْهُ لِتَضَرُّرِ جِيرَانِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا مُؤَيَّدُ زَادَهْ عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا فِي مَحَلَّةٍ لِصَبْغِ الثِّيَابِ وَأَحْدَثَ فِي الْحَانُوتِ مِدَقَّةً لِلثِّيَابِ وَصَارَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ فِي الْحَانُوتِ وَتَضَرَّرَ جِيرَانُهُ بِذَلِكَ ضَرَرًا بَيِّنًا فَاحِشًا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الدَّقِّ الشَّدِيدِ الْمُوهِنِ لِبِنَاءِ دُورِهِمْ ضَرَرًا بَيِّنًا فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحْدَثَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا وَرَبَطَ فِي الْإِصْطَبْلِ دَوَابَّ وَجَعَلَ حَوَافِرَهَا إلَى دَارِ الْجَارِ الْمُلَاصِقَةِ لِدَارِ زَيْدٍ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِحَائِطِ الْجَارِ فَهَلْ لِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ النَّوَازِلِ دَارَانِ مُتَلَاصِقَتَانِ جَعَلَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارَيْنِ فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْأُخْرَى قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ وُجُوهُ الدَّوَابِّ إلَى الْجَارِ لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ كَانَ حَوَافِرُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>