للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ عَنْ زَوْجَةٍ لَا غَيْرُ وَلَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْوَصِيَّةَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : الْوَصِيَّةُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ غَيْرُ جَائِزَةٍ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ جَمِيعَ الْمَالِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ كَالزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَحَيْثُ لَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْوَصِيَّةَ تَرِثُ سُدُسَ تَرِكَتِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْئًا حَتَّى يَخْرُجَ ثُلُثُ الْوَصِيَّةِ فَإِذَا خَرَجَ الثُّلُثُ اسْتَحَقَّتْ رُبُعَ الْبَاقِي وَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْجَمِيعِ وَأَصْلُهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ أَرْبَعَةٌ وَهُوَ الثُّلُثُ بَقِيَ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ لِلزَّوْجَةِ رُبُعُهَا اثْنَانِ بَقِيَ سِتَّةٌ تَعُودُ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَكُونُ عَشَرَةً مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَالنَّوَازِلِ وَغَيْرِهِمَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ جَارِيَتَانِ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ أَعْتَقَ الْكَبِيرَةَ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ وَأَعْتَقَ الصَّغِيرَةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهَا وَلِلْكَبِيرَةِ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَبِأَمْتِعَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا لِلصَّغِيرَةِ وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَخٍ شَقِيقٍ لَمْ يُجِيزَا الْوَصِيَّةَ وَخَلَّفَ دَارًا قِيمَتُهَا ثَلَثُمِائَةِ قِرْشٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَدْرُهُ مِائَةُ قِرْشٍ وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ الصَّغِيرَةِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟

(الْجَوَابُ) : يُوَفِّي الدَّيْنَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَتُعْتَقُ الصَّغِيرَةُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَتَسْعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهَا وَيُقَدَّمُ عِتْقُهَا عَلَى الْوَصِيَّةِ حَيْثُ قَدَّمَهَا الْمُوصِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْصَى بِهِ إنْسَانٌ وَكَانَ الثُّلُثُ لَا يَبْلُغُهُ فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فَرْضًا أَوْ كُلُّهُ تَطَوُّعًا يَبْدَأُ بِاَلَّذِي نَطَقَ بِهِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا فَرْضًا وَبَعْضُهَا تَطَوُّعًا بُدِئَ بِالْفَرْضِ وَإِنْ كَانَ أَخَّرَهُ فِي النُّطْقِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا تَطَوُّعًا وَبَعْضُهَا وَاجِبًا بُدِئَ بِاَلَّذِي أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ آخِرَ النُّطْقِ بِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْوَصَايَا إذَا اجْتَمَعَتْ

وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يُقَدَّمُ بَعْضُ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْبَعْضِ وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ يُقَدَّمُ مِنْهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُوصِي هِدَايَةٌ مِنْ فَصْلِ وَمَنْ أَوْصَى بِوَصَايَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قُدِّمَتْ الْفَرَائِضُ مِنْهَا وَإِنْ اجْتَمَعَ الْوَصَايَا قَدَّمَ الْفَرْضَ أَيْ الْأَقْوَى مِنْهَا وَإِنْ أَخَّرَهُ الْمُوصِي وَإِنْ تَسَاوَتْ الْوَصَايَا قُوَّةً بِأَنْ يَكُونَ الْكُلُّ فَرَائِضَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقِّ الْعَبْدِ أَوْ وَاجِبَاتٍ أَوْ نَوَافِلَ فَإِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ قَدَّمَ مَا قَدَّمَ الْمُوصِي إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَهَمِّ، وَعَنْهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ فَرْضًا حَقًّا لِلَّهِ بُدِئَ بِالْحَجِّ ثُمَّ بِالزَّكَاةِ ثُمَّ بِالْكَفَّارَةِ.

وَلَوْ كَانَ نَفْلًا كَالْوَصِيَّةِ، وَالْعِتْقِ، وَالصَّدَقَةِ بُدِئَ بِمَا بَدَأَ بِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْهُ بُدِئَ بِالْأَفْضَلِ الصَّدَقَةُ ثُمَّ الْحَجُّ ثُمَّ الْعِتْقُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قُهُسْتَانِيٌّ مِنْ الْوَصَايَا بِاخْتِصَارٍ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ.

(أَقُولُ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَالْعِتْقُ عِتْقُ عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ بِأَنْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ أَمَّا لَوْ نَجَّزَ عِتْقَ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْجَمِيعِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بَاعَ بِمُحَابَاةٍ فِي مَرَضِهِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا الْمَحَلَّ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عِنْدَ قَوْلِ التَّنْوِيرِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْوَصَايَا. . . إلَخْ فَقُلْت: اعْلَمْ أَنَّ الْوَصَايَا إمَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْعِبَادِ أَوْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ اعْتِبَارَ التَّقْدِيمِ مُخْتَصٌّ بِحُقُوقِهِ تَعَالَى لِكَوْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَاحِدًا وَأَمَّا إذَا تَعَدَّدَ فَلَا يُعْتَبَرُ التَّقْدِيمُ فَمَا لِلْعِبَادِ خَاصَّةً لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّقْدِيمُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِهِ لِآخَرَ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى التَّقْدِيمِ أَوْ يَكُونَ الْبَعْضُ عِتْقًا أَوْ مُحَابَاةً وَمَا لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فَرَائِضَ كَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ أَوْ وَاجِبَاتٍ كَالْكَفَّارَاتِ، وَالنَّذْرِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ أَوْ تَطَوُّعَاتٍ كَالْحَجِّ التَّطَوُّعِ، وَالصَّدَقَةِ لِلْفُقَرَاءِ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ يَبْدَأُ بِالْفَرَائِضِ قَدَّمَهَا الْمُوصِي أَوْ أَخَّرَهَا ثُمَّ بِالْوَاجِبَاتِ وَمَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ حَقِّ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ عَلَى جَمِيعِهَا وَتُجْعَلُ كُلُّ جِهَةٍ مِنْ جِهَادِ الْقُرْبِ مُفْرَدَةً بِالضَّرْبِ وَلَا تُجْعَلُ كُلُّهَا جِهَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِجَمِيعِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>