مَالِ نَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ هَلْ يَرْجِعُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : لَا يَرْجِعُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا كَفَّنَ الْمَيِّتَ بِمَالِهِ كَفَنَ الْمِثْلِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ فَإِنْ كَفَّنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَمْلِكُهُ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ قَالُوا: لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى فِي فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ بِنَوْعِ تَلْخِيصٍ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ الْوَصَايَا وَإِنْ كَفَّنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا يَرْجِعُ وَلَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ قِيلَ يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ بَزَّازِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْعُيُونِ إذَا كَفَّنَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ، وَالْأَجْنَبِيُّ لَا يَرْجِعُ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَلَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ غَيْرُ الْوَارِثِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَارِثِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ أَشْهَدَ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ.
وَلَوْ كَفَّنَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي إذَا زَادَ فِي عَدَدِ الْكَفَنِ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ فَإِنْ زَادَ فِي قِيمَةِ الْكَفَنِ ضَمِنَ الْكُلَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ قُلْت وَقَدْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إذَا زَادَ فِي الْقِيمَةِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَالِ الْمَيِّتِ. اهـ. نَهْجُ النَّجَاةِ مِنْ الْوَصَايَا
(أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ فِي بَابِ الْوَصِيِّ وَوَجْهُ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا زَادَ فِي الْقِيمَةِ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّيَادَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُمَيَّزَةٍ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ مُتَبَرِّعًا فِي تَكْفِينِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ فِي عَدَدِ الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ فَقَطْ لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ أَوْ الْوَارِثَ إذَا كَفَّنَ الْمَيِّتَ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ يَضْمَنُ الْكُلَّ لَا مَا زَادَ عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ فَقَطْ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَبَرِّعًا بِالْكُلِّ لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ وَهَذَا إذَا كَفَّنَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ضَمِنَ، وَأَمَّا إنْ كَفَّنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ إنْ زَادَ عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا الْفَرْقَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الْقِيمَةِ أَوْ الْعَدَدِ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ مُطْلَقًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَلِيلُ التَّبَرُّعِ وَقَوْلُ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ قِيلَ: يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْوَجْهِ هُوَ مَنْعُ كَوْنِ ذَلِكَ دَلِيلَ التَّبَرُّعِ فِي الْكُلِّ بَلْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى التَّبَرُّعِ فِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ تَأَمَّلْ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَصِيِّ، وَالْوَارِثِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَارِثُ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَإِلَّا فَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ لَوْ مَاتَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَوَجَبَ كَفَنُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ فَكَفَّنَهُ الْحَاضِرُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لَوْ أَنْفَقَ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَالْعَبْدِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ النَّخْلِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَرْجِعُ إذَا فَعَلَهُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ " يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَوَجَبَ كَفَنُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ كَتَكْفِينِ الزَّوْجَةِ إذَا صَرَفَهُ مِنْ مَالِهِ غَيْرُ الزَّوْجِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ كَالْأَجْنَبِيِّ فَيُسْتَثْنَى تَكْفِينُهَا بِلَا إذْنٍ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَوْ غَنِيَّةً لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى عَنْ الْغَيْرِ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.
أَيْ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ الْوَصِيُّ أَوْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِكَفَنِ الْمِثْلِ يَرْجِعُ لِأَنَّ كَفَنَ الزَّوْجَةِ لَيْسَ وَاجِبًا فِي تَرِكَتِهَا حَتَّى يَصِحَّ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَارِثِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى زَوْجِهَا فَيَكُونُ الْمُكَفِّنُ مُتَبَرِّعًا فِي إسْقَاطِهِ وَاجِبًا عَلَى غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَنَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: قَوْلُ الْوَصِيِّ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِنْفَاقِ وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ فِي الرُّجُوعِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ تَنَبَّهْ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي السُّؤَالِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا عَنْ التَّنْوِيرِ وَذَكَرْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute