للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ سَيِّدُهُ لِغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَنْسَبُ لِقَوْلِهِ: فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْوِصَايَةَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لَكِنْ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ التَّافِلَانِيُّ مُفْتِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ فِي رِسَالَةٍ أَلَّفَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَوُفِّقَ فِيهَا بِذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ فَعَلَى هَذَا فَالنَّصْبُ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَصْبٍ جَدِيدٍ بَعْدَهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(سُئِلَ) فِي يَتِيمَيْنِ لَهُمَا مَالٌ عَنْ أَبِيهِمَا وَلَهُمَا جَدٌّ أَبُو أَبٍ مُبَذِّرٌ مُتْلِفٌ لِلْمَالِ غَيْرُ أَمِينٍ وَلَهُمَا أُمٌّ أَمِينَةٌ أَهْلٌ لِلْوِصَايَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَلْ لِلْقَاضِي نَزْعُ الْمَالِ مِنْ يَدِ الْجَدِّ وَنَصْبُ أُمِّهِمَا الْمَزْبُورَةِ وَصِيًّا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا أَوَّلَ الْبَابِ رَجُلٌ أَوْصَى إلَى أَعْمَى أَوْ مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ جَازَ وَلَوْ أَوْصَى إلَى فَاسِقٍ مَخُوفٍ فِي مَالِهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ قَالُوا مَعْنَاهُ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَيَجْعَلُ غَيْرَهُ وَصِيًّا إذَا كَانَ هَذَا الْفَاسِقُ مِمَّنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا مَجْمَعِ الْفَتَاوَى، وَفِيهِ وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ فَقَضَى هَذَا الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَبَاعَ كَمَا يَبِيعُ الْأَوْصِيَاءُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ كَانَ جَمِيعُ مَا صَنَعَ جَائِزًا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى تَابَ وَأَصْلَحَ تَرَكَهُ وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ. اهـ.

(سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا ادَّعَى دَيْنًا لِنَفْسِهِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ وَاتَّهَمَهُ الْقَاضِي وَيُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَيَنْصِبَ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَهَلْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ فِي وَصَايَا النَّوَازِلِ: وَصِيٌّ ادَّعَى دَيْنًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِهِ يُعْزَلُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَصَوَّبَهُ مُحَمَّدٌ، وَفِي الْخُلَاصَةِ: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْمُخْتَارُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: إمَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ تُبْرِئَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ نَخْرُجَك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ. اهـ.

وَفِي الْحَافِظِيَّةِ: وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الولوالجية كَذَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ، وَفِيهِ فَاللَّائِقُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَيُقْصِرَ يَدَهُ عَنْ الْمَالِ احْتِيَاطًا وَنَظَرًا لِلْمَيِّتِ، وَالْيَتِيمِ وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ. اهـ. وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ فَصْلِ الدَّعْوَى، وَفِي التَّتِمَّةِ وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَلَمْ يَثْبُتْ يُعْزَلُ وَهُوَ حِيلَةُ الْعَزْلِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ مَنْ يُقِيمُ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ الْغَصْبِ إنْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَإِلَّا فَيَتَّهِمُهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجُهُ كَذَا فِي الولوالجية.

وَفِي الْخَانِيَّةِ الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ لَا يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُخْرِجُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.

وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْمَرْحُومُ الْعَمُّ، وَالْعَلَّامَةُ الْجَدُّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوِيهِمَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ وَلَا يُخْرِجُهُ مَذْكُورٌ فِي أَدَبِ الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يُبْرِئْ الْمَيِّتَ فَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي لِلتُّهْمَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ يُخْرِجُهُ فَيُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الولوالجية عَلَى هَذَا. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ فَصْلٍ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ مَا نَصُّهُ: " وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْقَاضِيَ هَلْ يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إمَّا أَنْ تُبْرِئَهُ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي تَدَّعِي أَوْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ وَإِلَّا أُخْرِجُك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ.

وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ ثُمَّ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>