للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَقْدِ، وَالْوَاقِعُ فِي السُّؤَالِ شَرِكَةُ مِلْكٍ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُمْ عَقَدُوا شَرِكَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَا أَنَّ التَّرِكَةَ نُقُودٌ أَوْ عُرُوضٌ بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرِكَةُ مِلْكٍ لَا يَجْرِي فِيهَا تَفَاوُتٌ فِي الرِّبْحِ بَلْ يَكُونُ مَا فِي أَيْدِيهمْ بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً كَمَا مَرَّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَعُ كَثِيرًا خُصُوصًا فِي أَهْلِ الْقُرَى حَيْثُ يَمُوتُ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ وَتَبْقَى تَرِكَتُهُ بَيْنَ أَيْدِي وَرَثَتِهِ بِلَا قِسْمَةٍ يَعْمَلُونَ فِيهَا وَرُبَّمَا تَعَدَّدَتْ الْأَمْوَاتُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ وَذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ لَهَا شُرُوطٌ مِنْهَا الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ لَفْظُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ تَمَامُ مَعْنَاهَا بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ وَهُمَا حُرَّانِ بَالِغَانِ مُسْلِمَانِ أَوْ ذِمِّيَّانِ شَارَكْتُك فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُ مِنْ نَقْدٍ وَقَدْرِ مَا تَمْلِكُ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ الْعَامِّ مِنْ كُلٍّ مِنَّا لِلْآخَرِ فِي التِّجَارَاتِ وَالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَعَلَى أَنَّ كُلًّا ضَامِنٌ عَنْ الْآخَرِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ أَمْرِ كُلِّ بَيْعٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تَكُونُ بَيْنَ صَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَاقِعَ فِي زَمَانِنَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِأَنَّهَا مُفَاوَضَةٌ وَيُلْزِمَهُمْ بِأَحْكَامِهَا بِأَنْ يُلْزِمَهُمْ مَثَلًا بِأَنَّ مَا لَزِمَ أَحَدَهُمْ مِنْ دَيْنٍ يَلْزَمُ الْآخَرَ نَعَمْ إنْ صَرَّحُوا لَهُ بِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُفَاوَضَةٍ يُفْتِيهِمْ بِأَحْكَامِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ اسْتِيفَاءِ شَرَائِطِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ سُئِلَ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِمَّا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَقَامَ مَا كَتَبْته فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَامْرَأَةً وَالْكِبَارُ مِنْهَا أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا فَحَرَثَ الْكِبَارُ وَزَرَعُوا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَالْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ فِي عِيَالِ الْمَرْأَةِ تَتَعَاهَدُهُمْ وَهُمْ يَزْرَعُونَ وَيَجْمَعُونَ الْغَلَّاتِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيُنْفِقُونَ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً قَالَ صَارَتْ هَذِهِ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّهُمْ إنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَوْ كِبَارًا أَوْ أَذِنَ الْوَصِيُّ لَوْ صِغَارًا فَالْغَلَّةُ مُشْتَرَكَةٌ وَإِنْ مِنْ بَذْرِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ فَالْغَلَّةُ لِلزَّرَّاعَيْنِ اهـ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ.

هَذَا وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ عَنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ أَيْتَامٍ وَأُمِّهِمْ اسْتَرْبَحَهُ الْوَصِيُّ لِلْأَيْتَامِ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُمُّ رِبْحَ نَصِيبِهَا أَوْ لَا أَجَابَ لَا تَسْتَحِقُّ الْأُمُّ شَيْئًا مِمَّا اسْتَرْبَحَهُ الْوَصِيُّ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ لِغَيْرِهَا كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا اسْتَرْبَحَ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ لِنَفْسِهِ فَقَطْ وَيَكُونُ رِبْحُ نَصِيبِهَا كَسْبًا خَبِيثًا وَمِثْلُهُ سَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ اهـ

(أَقُولُ) أَيْضًا وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا وَمِمَّا قَبْلَهُ حُكْمُ مَا لَوْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَمَلِ وَالسَّعْيِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِلَا وِصَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ مِنْ الْبَاقِينَ.

(سُئِلَ) فِي إخْوَةٍ أَرْبَعَةٍ مُتَفَاوِضِينَ تَزَوَّجَ اثْنَانِ مِنْهُمْ كُلَّ زَوْجَةٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ قَضَاهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَطَالَبَهُمَا الْبَاقِيَانِ بِنَصِيبِهِمَا مِنْ ذَلِكَ وَلَزِمَ أَحَدَهُمَا دَيْنٌ بِتِجَارَةٍ وَاسْتِقْرَاضٍ فَهَلْ لَهُمَا مُطَالَبَتُهُمَا بِهِ وَمَا لَزِمَ أَحَدَهُمْ مِنْ الدَّيْنِ يَلْزَمُ الْبَاقِي؟

(الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانُوا مُتَشَارِكِينَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَمَا لَزِمَ أَحَدَهُمْ مِنْ الدَّيْنِ يَلْزَمُ الْبَاقِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَلِلْبَاقِينَ مُطَالَبَةُ الْمُتَزَوِّجِينَ بِنَصِيبِهِمَا مِنْ الْمَهْرِ الَّذِي دَفَعَاهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ أَمَّا مُفَاوَضَةٌ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً وَكَفَالَةً وَتَسَاوَيَا مَالًا وَتَصَرُّفًا وَدَيْنًا إلَى أَنْ قَالَ فَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا يَقَعُ مُشْتَرَكًا إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ وَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِثَمَنِهِمَا وَيَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِتِجَارَةٍ وَاسْتِقْرَاضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ أَوْ كَفَالَةٍ بِمَالٍ بِأَمْرٍ لَزِمَ الْآخَرَ وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْآخَرِ اهـ.

(أَقُولُ) اُنْظُرْ كَيْفَ قَيَّدَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابَ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانُوا مُتَشَارِكِينَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ إلَخْ فَإِنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا مِنْ أَنَّ كَوْنَ الْمَالِ بِأَيْدِيهِمْ يَعْمَلُونَ فِيهِ عَلَى السَّوِيَّةِ لَا يَكُونُ مُفَاوَضَةً بِدُونِ عَقْدِهَا الشَّرْعِيِّ وَشُرُوطِهَا الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي صَرَّحَ بِهَا الْفُقَهَاءُ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَلِلَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>