١٠٤ - وعن ابن عمر أنه قال: لا يمس المصحف إلا على طهارة. احتج به أحمد [واستدل] بقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩] على أن المراد بالكتاب المصحف بعينه وأن {لَا يَمَسُّهُ}[الواقعة: ٧٩] خبر بمعنى النهي، أو أنه نهي علي بابه، وحرك بالضم لالتقاء الساكنين، ورد بأن المشهور عن السلف، وأهل التفسير أن الكتاب اللوح المحفوظ، وأن {الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩] الملائكة، ويؤيده الآية الأخرى:{كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ - فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ - فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ - مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ - بِأَيْدِي سَفَرَةٍ - كِرَامٍ بَرَرَةٍ}[عبس: ١١ - ١٦] وأيضا الإخبار بأنه: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}[الواقعة: ٧٨] أي مصون، لا تناله أيدي الضالين، وهذه صفة اللوح المحفوظ وأيضا:{الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩] من طهرهم غيرهم، ولو أريد طهارة بني آدم لقيل: المتطهرون. كما قال سبحانه:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة: ٢٢٢] ويمكن توجيه الاستدلال بالآية على وجه آخر، وهو أن يقال: القرآن الذي في اللوح المحفوظ هو الذي في المصحف، وإذا كان من حكم الذي في السماء أن {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩] فكذلك الذي في الأرض، لأنه هو هو.