واعترض أيضا بالأحاديث الصحيحة من نهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الثمرة حتى تزهو، وقوله:«أرأيت إن لم يثمرها الله بم تستحل مال أخيك؟» ولو كان الضمان على البائع لما استحل مال أخيه، وهذا أقوى ما اعترض به.
وقد أجاب عنه القاضي بأن معناه: بم تستحل جواز الأخذ، فهو إنكار على البائع في أخذ الثمن، نظيره قَوْله تَعَالَى:{وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}[النساء: ٢١] ولا يخفى أن ظاهر اللفظ خلاف هذا.
والذي يظهر لي عدم القول بوضع الجوائح، وأن ذلك كان أولا، حين كانوا يتبايعون الثمار قبل بدو الصلاح.
١٩٠٥ - بدليل ما قال زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «كان الناس في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتبايعون الثمار، فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدمان، أصابه مراض، أصابه قشام، عاهات يحتجون بها، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما كثرت عنده الخصومة -: «إما لا فلا تبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر» كالمشورة يشير بها، لكثرة خصومتهم، رواه البخاري، وأبو داود، وزاد: «يتبايعون