قال: والزوجان إذا وقعت بينهما العداوة، وخشي عليهما أن يخرجهما ذلك إلى العصيان، بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها، مأمونين برضى الزوجين وتوكيلهما، بأن يجمعا إن رأيا أو يفرقا، فما فعلا من ذلك لزمهما.
ش: قد تقدم إذا ظهر من المرأة النشوز أو أماراته، فإن خرجا من ذلك إلى العداوة، وخشي عليهما أن يخرجهما ذلك إلى العصيان، بعث الحاكم حكمين، إن رأيا المصلحة في الصلح أو التفريق بينهما فعلا، ولزم الزوجين فعلهما، لقول الله سبحانه:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}[النساء: ٣٥] واختلف عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيهما (فعنه) ما يدل على أنهما وكيلان للزوجين، لا يرسلان إلا برضاهما وتوكيلهما، فإن امتنعا من التوكيل لم يجبرا، هذا هو المشهور عند الأصحاب، حتى أن القاضي في الجامع الصغير، والشريف أبا جعفر، وابن البنا لم يذكروا خلافا، ونصبه أبو الخطاب؛ ولأن البضع حق للزوج، والمال حق للمرأة، وهما رشيدان، فلم يجز لغيرهما التصرف عليهما إلا بوكالة منهما، كما في غير ذلك (وعنه) ما يدل على أنهما حكمان، يفعلان ما يريان من جمع أو تفريق، بعوض أو غيره، من غير رضى الزوجين، وهو ظاهر الآية الكريمة، لتسميتهما حكمين، ومخاطبتهما بقوله:{إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا}[النساء: ٣٥] وعدم اشتراط رضى الزوجين.