(والثانية) : واختارها الشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، والشيرازي وابن البنا وشيخهم فيما أظن، أنهم العصبة وراثا كانوا أو غير وراث، لحديث سهل:«يقسم خمسون منكم» ، والظاهر أنه لم يكن له من الورثة خمسون رجلا، وفي الحديث قال:«فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن؛ «أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟» قالوا: لا.» وهذا تصريح بأن الخطاب والجواب وقع لعصبة غير وراث، وهما حويصة ومحيصة، إذ هما ابنا عم القتيل. ولا نسلم أن الدعوى في القسامة إنما تكون من المستحقين للدم، بل تكون للعصبة مطلقا، بدليل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منع عبد الرحمن من الكلام، وأذن لحويصة ومحيصة، ففي الحديث: فذهب عبد الرحمن ليتكلم، لمكانه من أخيه، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كبر كبر» ، فتكلم حويصة ومحيصة، وكأن المعنى فيها والله أعلم طلب الثأر، وذلك لا يختص الورثة، وهذا ظاهر لا خفاء به، ومن الغريب جزم أبي البركات بالرواية الأولى، مع مخالفتها لظاهر الحديث، وعلى هذه الرواية يبدأ من العصبة بالمستحقين للدم، فإن لم يبلغوا خمسين تمموا من سائر العصبات، الأقرب فالأقرب، فإن لم يوجد من نسبه خمسون رددت الأيمان عليهم، وقسمت بينهم، انتهى. وظاهر كلام أبي بكر في التنبيه أنهم العصبة الوراث.