(الثاني) : أن لا يكون له بينة بما قاله على المقذوف؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}[النور: ٤] الآية، شرط سبحانه للجلد عدم البينة، وفي معنى البينة الإقرار من المقذوف، فإن كان القاذف زوجا اشترط شرط ثالث، وهو عدم لعانه، فإن لاعن فلا حد عليه، لقوله سبحانه:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}[النور: ٦] الآية.
وأما الاثنان اللذان في المقذوف:(فأحدهما) : أن يكون محصنا، والمحصن هنا فسره الأصحاب بالحر المسلم العاقل، العفيف عن الزنا، الذي يجامع مثله، وفي اشتراط سلامته من وطء الشبهة وجهان، وكذلك في اشتراط بلوغه روايتان، وهذا قد يؤخذ من كلام الخرقي مفرقا، فالحرية والإسلام نص عليهما هنا، والعفة عن الزنا تؤخذ من الشرط الثاني في القاذف.
وكونه يجامع مثله يذكره بعد، واقتصاره على ذلك يفهم منه أنه لا يشترط البلوغ، والعقل يؤخذ من نفيه الحد عن قاذف الطفل، والسلامة من وطء الشبهة لا يشترطها، وبيان ذلك، أما الحرية والإسلام، فلأن العبد والكافر حرمتهما ناقصة، فلا ينتهض لإيجاب الحد، والآية الكريمة وردت في الحرة المسلمة، وغيرهما ليس في معناهما، وأما العقل فلأن غير العاقل لا يعير بالزنا، لعدم تكليفه، والحد إنما