قلت: والقطع أنها ليست في سنن أبي داود، وإلا لذكرها ابن الأثير في جامع الأصول وغيره.
والمعتمد في ذلك على قول ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وهو إن خالف ظاهر الآية الكريمة لكن يرجحه أن قوله موافق للقاعدة الشرعية، من أن العقوبات على قدر الإجرام. ولهذا اختلف حد الزاني والسارق والقاذف وغيرهم، بخلاف ظاهر الآية الكريمة. . فإن ظاهرها أن من حارب حصل فيه هذا التخيير من القتل أو القطع، وإن لم يقتل ولا أخذ المال. وأيضا عموم قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير الحق» . وهذا قد يعترض عليه بأنه عموم، والآية تخصه. وكون العقوبة تختلف باختلاف الجرم مسلم، ولكن الشارع رأى أن هذه المفسدة العظيمة جزاؤها هذا الجزاء، سدا للذريعة، وحسما للمادة، ثم إن صاحب الشرع لم يذكر القتل أو القطع فقط في مقابلة مجرد المحاربة، وإنما خير بين عقوبات، والأمر في ذلك موكول إلى الأئمة والحكام الذين عليهم إقامة الحدود، وتخييرهم تخيير مصلحة، لا تخيير استشفاء، فهم لا يفعلون إلا ما يرون أنه أصلح، فإذا رأوا توزيع العقوبات