خرج من ذلك أهل الكتاب والمجوس بالآية الكريمة وبالحديث، فيبقى فيما عداه على العموم، ثم في قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» دليل على أن أهل الكتاب هم المختصون ببذل الجزية وإلا فليس للتخصيص فائدة. ومما يرشح ذلك أيضا توقف عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فيهم حتى أخبره عبد الرحمن بما أخبره، ولو جاز أخذ الجزية من كل كافر لم يكن لتوقفه معنى. (وعن أحمد) رواية أخرى: يقبل من جميع الكفار، إلا عبدة الأوثان من العرب، لأنهم يقرون على دينهم بالاسترقاق، فأقروا بالجزية كالمجوس. وقد دخل في كلام الخرقي أهل الصحف، كصحف إبراهيم وشيث ونحو ذلك، وهو المذهب بلا ريب، لعدم دخولهم في الكتاب إذا أطلق، ولهذا قال سبحانه:{أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا}[الأنعام: ١٥٦] الآية، ولأنها مواعظ، لا أحكام فيها، وقيل: يقر أهلها بالجزية، لأنه يصدق أنه نزل لهم كتاب.