إلى موضع يكون القتال فيه أمكن، كما إذا كان في مقابلة الشمس، أو الريح فاستدبرهما، أو كان في وهدة أو في معطشة، فانحاز إلى علو أو إلى ماء، أو استند إلى جبل، أو نفر بين أيدي الكفار لتنتقض صفوفهم، ونحو ذلك مما جرت به عادة أهل الحرب، أو (الفرار للتحيز) إلى فئة من المسلمين، ليتقووا بها على عدوهم، وإن بعدت الفئة، حتى قال القاضي: لو كانت الفئة بخراسان، والفئة بالحجاز جاز التحيز إليها، وذلك لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}[الأنفال: ١٥]{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا}[الأنفال: ١٦] إِلَى فِئَةٍ الآية.
٣٤٦٠ - ويروى أن عمر كان يوما في خطبته إذ قال: يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم الذئب من استرعاه الغنم. فأنكرها الناس، فقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: دعوه فلما نزل سألوه عما قال، فلم يعترف به، وكان قد بعث سارية إلى ناحية العراق ليغزوهم، فلما قدم ذلك الجيش أخبروا أنهم لقوا عدوهم يوم جمعة فظهر عليهم، فسمعوا صوت عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فتحيزوا إلى الجبل، فنجوا من عدوهم، وانتصروا عليهم.