وظاهر كلام الخرقي أن الجزية لا تؤخذ منهم وإن بذلوها راضين بها، وفصل أبو محمد فقال: إن بذلها حربي قبلت منه، لعموم قوله سبحانه:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}[التوبة: ٢٩] الآية. وغيرها من الأحاديث، وإن بذلها من دخل في عقد صلحهم وذمتهم فهل تقبل منه، وهو احتمال ذكره لما تقدم، أو لا تقبل، وهو الذي أورده مذهبا، وقطع به غيره، حذارا من تغيير ما وقع عليه الصلح؟ فيه قولان.
قال: وتؤخذ الزكاة من أموالهم ومواشيهم وثمرهم مثلي ما يؤخذ من المسلمين.
ش: لما تقدم، وظاهر كلام الخرقي أنه يؤخذ ذلك من نسائهم وصبيانهم ومجانينهم، وكل من يؤخذ منه الزكاة، ولا تؤخذ ممن لا تؤخذ منه الزكاة وإن كان له مال، بأن يكون غير زكوي كالدور ونحوها، وعلى هذا الأصحاب، نظرا إلى أن السؤال وقع منهم على أن يأخذ منهم كما يأخذ بعضنا من بعض، فأجابهم إلى ذلك بعد الامتناع، واستقر رأيه على ذلك، والذي يأخذه بعضنا من بعض زكاة، ولأن صبيانهم ونحوهم دخلوا في حكم الصلح، فدخلوا في الواجب به كالرجال العقلاء، ومال أبو محمد إلى أن هذا المأخوذ جزية باسم الصدقة، فلا تؤخذ ممن لا جزية عليه كالصبيان ونحوهم، لأن النعمان بن زرعة قال لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: خذ منهم الجزية باسم الصدقة.