وكلام الخرقي يشمل الأضحية الواجبة وغيرها، وهو ظاهر الحديث، لكن أبا محمد وغيره حملوا على الواجب بنذر أو بتعيين، أما ما ذبحه تطوعا فلا بدل عليه إلا أن يشاء، لأن غايته أنه قصد تطوعا فأفسده، فصار كما لو خرج بصدقة تطوع فدفعها لغير مستحقها، وحمل أبو محمد الحديث على الندب، أو على التخصيص بمن وجبت عليه. قلت: وأولى المحملين الأول، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حكم حكما عاما، فدعوى التخصيص لا دليل عليه.
والبدل الواجب مثل المذبوح أو خير منه، قال أبو محمد: وهو بظاهره مشكل، إذ الحيوان عند الأصحاب متقوم بلا ريب، وكأن أبا محمد إنما أراد أن يشتري بقيمته مثله، وترك بيان ذلك إحالة على ما تقدم له، وقد قال هو والأصحاب فيما إذا أوجب أضحية ثم أتلفها: إنه يضمنها بقيمتها تصرف في مثلها، ثم اختلفوا هل يضمنها بقيمتها يوم الإتلاف فقط، وهو قول القاضي، وتبعه أبو الخطاب في خلافه، أو بأعلى القيمتين، وهو قول أكثر أصحاب القاضي؟ على قولين. وعلى القول الثاني: أعلى القيمتين هو من حين الإيجاب إلى حين التلف، عند ابن عقيل، وصاحب التلخيص، ومن حين التلف إلى حين جواز الذبح، عند الشريف وأبي الخطاب في الهداية، والشيرازي والشيخين وغيرهم.
(تنبيه) : الشاة المذبوحة شاة لحم كما في الحديث، يصنع بها ما شاء، هذا المشهور، ولأبي محمد احتمال أن حكمها