وإن كانت اليمين بالطلاق والعتاق فإنهما يلزمانه، لترددهما بين التعليق بالشرط - لأن صورتهما صورته - وبين اليمين، لوجود معنى اليمين فيهما وهو الحث أو المنع، فغلب جانب التعليق احتياطا للفروج، ولفكاك الرقاب، وأيضا فقد تقدم أن أصل اليمين في اللغة الحلف بمعظم، والحلف بالطلاق والعتاق - كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، أو فعبدي حر - ليس كذلك، وإنما هو جزاء أو شرط، والأصل البقاء وعدم النقل، وتسمية ذلك حلفا إنما هو مجاز، لما فيه من الحث أو المنع، والأصل الحقيقة، وهذا هو المذهب عند الأصحاب.
وفي المذهب (رواية ثانية) لا يحنث في الجميع، اعتمادا على عموم الآية والحديث، إذ الحث والمنع في اليمين بمنزلة الطاعة والمعصية في الأمر والنهي، وقد استقر أن فاعل المنهي عنه ناسيا أو مخطئا لا يكون آثما ولا مخالفا، فكذلك من فعل المحلوف على تركه ناسيا أو جاهلا، لا يكون حانثا، ولا مخالفا ليمينه، وهذه الراوية اختيار أبي العباس، وقال: قد نظرت جوابه في هذه الرواية فوجدت الناقلين له بقدر الناقلين لجوابه في الرواية الأولى، التي هي رواية التفرقة (وعنه رواية ثالثة) يحنث في الجميع، وهي أضعفهن، لأنه فعل ما حلف عليه قاصدا لفعله، فأشبه الذاكر.
(تنبيه) : وحكم جاهل المحلوف عليه - كمن حلف لا يسلم