المنصوص، وإنما قلنا به في الإطعام والكسوة لتساويهما في المعنى، وهنا لم يتساويا، بل تباينا، إذ القصد من العتق تكميل الأحكام، وتخليص الرقبة من الرق، والقصد من الإطعام والكسوة سد الخلة بدفع الحاجة، ودفع ضرر الحر والبرد مع ستر العورة، وهما متباينان، بخلاف الطعام والكسوة، فإنهما لتقاربهما أجريا مجرى الجنس الواحد، والخرقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - نص على جواز التلفيق من الطعام والكسوة، وعلى منع ذلك في العتق مع أحدهما، وبقي عليه لو أتى ببعض واحد من الثلاثة ثم عجز عن تمامه، هل له التتميم بالصوم؟ ليس له ذلك قاله أبو محمد، قال: لأنه إذا لم يجز تكميل أحد نوعي المبدل من الآخر وهو الطعام أو الكسوة فتكميله بالمبدل أولى.
(قلت) : وقد يقال بذلك كما في الغسل والوضوء مع التيمم، فإنه لو وجد ماء يكفي لبعض طهارته لزمه استعماله ثم تيمم للباقي، وأبو محمد استشعر هذا، وأجاب عنه بأن التيمم لا يأتي ببعضه عن بعض الطهارة، وإنما يأتي به بكماله، قال: وها هنا لو أتى بالصيام جميعه أجزأه. قلت: وهذا الجواب فيه نظر، فإنه وإن أتى به بكماله، فإنه إنما يأتي به عن بعض الطهارة لا عن كلها، ولهذا لو قدر على الماء لزمه غسل ما بقي من بدنه ولا يلزمه غسل الجميع وإنما كان يأتي به بكماله، لأنه التيمم ليس له إلا صفة واحدة ويرجح هذا أيضا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» .