للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقول طلحة، قال: ويشهد له ظاهر الآية والعرف، وبنى على هذا أنه يحنث بأكل الألية، وقال القاضي وغيره: إن الشحم هو الذي يكون في الجوف، من شحم الكلى أو غيره، فعلى هذا لا يحنث بأكل الألية واللحم الأبيض، ونحو ذلك، وهذا هو الصواب، وقد تقدم أن الآية لا تدل على ما ادعاه، وأن العرف عكس هذا، والله أعلم.

قال: وإن حلف أن لا يأكل لحما ولم يرد أكل لحم بعينه، فأكل من لحم الأنعام أو الطائر أو السمك حنث.

ش: أما إذا أكل من لحم الأنعام أو الطائر فلا نزاع فيما نعلمه في حنثه، لدخول المحلوف عليه، وهو اللحم حقيقة وعرفا، وأما إذا أكل من لحم السمك ففي الحنث به وجهان، المشهور منهما - وهو اختيار الخرقي والقاضي، وعامة أصحابه - الحنث. (والثاني) - وهو اختيار ابن أبي موسى -: عدمه، ولعله الظاهر، لأن لحم السمك وإن كان لحما حقيقة، بدليل قَوْله تَعَالَى: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: ١٤] وقَوْله تَعَالَى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر: ١٢] إلا أن أهل العرف خصصوا ذلك، كما خصصوا لفظ الدابة بذوات الأربع، وصاروا لا يسمونه لحما، وإنما يسمونه سمكا، ولهذا لا يكادون يقولون إذا أكلوا سمكا: أكلنا لحما. وإنما يقولون: سمكا، ولا ريب أن العرف ناسخ للحقيقة اللغوية،

<<  <  ج: ص:  >  >>