يسمعان ولا يحكم عليه حتى يحضر؛ وهو اختيار أبو البركات، وقال: إن أبا طالب نقله عن أحمد، وكأنه أشار إلى رواية أبي طالب في رجل وجد غلامه عند رجل، فأقام البينة أنه غلامه، فقال الذي عنده الغلام: أودعني هذا رجل.
فقال أحمد: أهل المدنية يقضون على الغائب، يقولون: إنه لهذا الذي أقام البينة، وهو مذهب حسن، وأهل البصرة يقضون على غائب يسمونه الإعذار، وهو إذا ادعى على رجل ألفا وأقام البينة، فاختفى المدعى عليه يرسل إلى بابه، فينادي الرسول ثلاثا، فإن جاء وإلا قد أعذر إليه، فهذا يقوي قول أهل المدينة، وهو معنى حسن، فلم ينكر أحمد سماع البينة ولا الدعوى، ثم إنه حكى قول أهل المدينة في القضاء على الغائب وأطلق وحسنه، وهو يشمل الغائب في البلد، وحكى قول أهل العراق في القضاء على غائب مختف، وجعله كالشاهد لقول أهل المدينة، فكأنه عنده محل وفاق.
ومن هنا والله أعلم قال أبو البركات: إن الحاضر في البلد إذا امتنع من الحضور ألجئ إليه بالشرطة والتنفيذ إلى منزله مرارا، وإقعاد من يضيق عليه ببابه في دخوله وخروجه، أو ما يراه الحاكم من ذلك، فإن أصر على التغيب سمعت البينة وحكم بها عليه قولا واحدا، وتبعه ابن حمدان على ذلك فيما أظن [وفي المقنع أنه إذا امتنع من الحضور هل تسمع البينة ويحكم بها؟