وقوله سبحانه:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}[البقرة: ٢٨٣] ولأنها أمانة، فلزمه أداؤها كبقية الأمانات، ودليل القاعدة قَوْله تَعَالَى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}[النساء: ٥٨] الآية وقيل: بل أداؤها (فرض كفاية) ، وهذا ظاهر ما جزم به أبو الخطاب في الهداية، وأبو محمد في الكافي والمغني، وحكاه ابن المنجا رواية، مستندا للفظ المقنع، فعلى هذا إذا كان المتحمل جماعة فالأداء متعلق بالجميع، فإذا قام به من يكفي منهم سقط عن الباقين، وإذا امتنع الكل أثموا، كسائر فروض الكفايات، وإن لم يوجد إلا من يكفي تعين عليه، كما لو لم يوجد في القرية إلا مؤذن واحد ونحو ذلك، ولو كان عبدا لم يكن لسيده منعه، من ذلك، كما لا يمنعه من صلاة الفرض فإن دعي بعضهم للفعل مع وجود غيره فهل يتعين عليه ذلك، بحيث يأثم إذا امتنع، نظرا للدعاء، أو لا يأثم، كما لو لم يدع؟ فيه وجهان، حكاهما في المغني، وفي ذلك بحث، فإن أدى شاهد وأبى الآخر، وقال: احلف أنت بدلي.