(والثانية) يشهد، قال أبو محمد: فإن أراد بذلك العموم لم يصح، لأدائه إلى منع الشهادة عليه بالكلية، إذ الغاصب لا يستشهد أحدا على غصبه، وكذا السارق ونحوهما، ثم إن أبا بكرة وأصحابه لما شهدوا على المغيرة لم يقل عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هل أشهدكم على ذلك؟ قال: وإن أراد الأفعال التي تكون بالتراضي، كالقبض في الرهن، والقبض والتفرق في البيع، ونحو ذلك جاز.
(قلت) : وإذا جرى الخلاف في ذلك فينبغي جريانه في الطلاق والعقود ونحو ذلك، وكلام أبي البركات الجزم بالشهادة بذلك، ويحتمل أن يريد القاضي بالأفعال الشهادة على الإقرار بالأفعال. والله أعلم.
قال: وتجوز شهادة المستخفي إذا كان عدلا.
ش: هذا أحد نوعي الشهادة على المقر، وإن لم يشهده على ما سمعه، والخلاف فيه كالخلاف فيه ثم، ومختار أبي بكر إنما هو والله أعلم مصرح به هنا، وتبعه ابن أبي موسى على مختاره، وإنما قال الخرقي: إذا كان عدلا.
لئلا يتوهم أن هذا يدخل تحت قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَجَسَّسُوا}[الحجرات: ١٢] فيكون مرتكبا للنهي، فيمنع من الشهادة لذلك، فأشار إلى أن هذا التجسس غير ممنوع منه للحاجة الداعية، وإنما المشترط العدالة، لأنها تمنع من التجسس في غير ذلك، والمستخفي يشمل المستخفي في كل ما سمعه أو حضره، والله أعلم.