وإن قالا: أخطأنا وظننا أن هذا هو القاتل، وليس هو القاتل، فعليهما الدية إن كان المشهود به مما تجب به الدية، أو أرش الجرح إن كان دون ذلك، لأن قولهما محتمل، وهو مما لا يعلم إلا من جهتهما، ولا شيء على العاقلة، لأن ذلك ثبت باعترافهما، وإن قالا: عمدنا الشهادة عليه، ولم نعلم أنه يقتل بمثل هذا.
وهما ممن يجهلان ذلك فكما تقدم، لكن تكون دية ذلك دية شبه العمد، لقصدهما الجناية، أما إذا حكم بالشهادة ولم تستوف ثم رجعوا فالمذهب المجزوم به عند أبي محمد في مغنيه - وأورده أبو البركات مذهبا - أنه لا يستوفى، لأن الرجوع والحال هذه شبهة، والعقوبات تدرأ بالشبهات، وقيل - ويحتمله كلام الخرقي - إن كان الحق لآدمي استوفى، لأن الحق تعلق بالحكم فلا يسقط بالرجوع كما في المال، والحكم في الشهود كما تقدم.
ومقتضى كلام الخرقي أنه لو لم يحكم بالشهادة لم يكن الحكم كذلك وهو صحيح، إذ لا يجوز الحكم، وتلغى الشهادة، لأن الشهادة شرط الحكم، وقد زالت قبله، فأشبه ما لو فسقوا انتهى، وحكم الحد فيما تقدم حكم القود، والله أعلم.