للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذهِ خمْسُ سنَواتٍ، يَعْني الثّلاثُ غيْرُ داخِلَةٍ، لأَنَّ مَا بَيْن الشّيءِ والشّيْءِ لَا يدْخُلُ فِيه الجانِبَانِ.

قولُه رَحِمَهُ اللهُ: [فالتقى الجيْشَانِ فِي السّنَةِ السّابِعَةِ مِن الالتقَاء الأوَّل وغَلَبَتِ الرّوم فَارِس]: يعْنِي حَصَل بَيْنَهُما حَرْب أُخْرَى فغَلبَتِ الرّوم فارِسَ، فصَدَق بذَلِك خَبَرُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأنَّهُمْ سيَغْلِبُونَ في بِضْع سِنينَ؛ لأَنَّ الأمْر لم يتَجَاوَزْ سبْعَ سَنَواتٍ حتَّى كانَتِ الغلبَةُ لِلرُّومِ عَلَى الفرْسِ، فَصدَقَ الله وَعْدَهُ.

قوْله تَعالَى: {فِي بِضْعِ سِنِينَ} المعْنَى أنَّ الغلَبَةَ تتِمُّ في خِلَالِ بِضْع سِنِينَ، ولَيْس المعْنَى أنَّ الغلبَةَ تحْصُل بعْدَ سَبعْ سَنوَاتٍ.

قوْله تَعالَى: {لِلَّهِ الْأَمْرُ}: هَذِهِ الجملة اسميَّة قُدِّم فِيها الخبَرُ لإفَادَةِ الاخْتِصَاصِ للهِ وحْدَه، و (أل) هُنَا للاسْتِغْرَاقِ، يَعْني كُلُّ الأمْرِ، أيْ لاسْتِغرَاق الجنْس، و (أل) التي للاسْتِغْراقِ هِي التي يحِلُّ محلَّها (كُلُّ) فَإِنْ كانَتْ لاسْتِغْراقِ المعْنَى فَهِي لاسْتِغْراقِ المعْنَى، وإِنْ كَانَت لاسْتِغْراقِ الأفْرادِ فَهِي لاسْتِغْراقِ الجِنْس، فَفِي قوْلِه تَعالَى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨]، (أل) لاسْتِغراق الجِنْس؛ لأَنَّهُ يَصِحُّ أنْ يَحِلَّ محلَّها (كُلُّ)، فيُقَالُ: وَخُلِق كُلُّ إِنْسَانٍ ضَعيفًا، وَفي قوْلِه تَعالَى: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ١ - ٢]، هَذِهِ أيضًا لاسْتِغْراقِ الجِنْس، أيْ كُلُّ إنسانٍ، وإِنْ كانَت لاسْتِغْراقِ المعْنَى فَهِي لاسْتِغْراقِ المعْنَى، ومثَّلوا لِذَلِكَ بقَوْلهِم: (زيدٌ نِعْم الرّجُلُ)، أَي: نِعْم الشّخْصُ الجامِعُ لِصِفَات الرّجُولَةِ.

وَهِلِ المرَادُ بالأمْر هُنا الأمْرُ الكوْنِيُّ أو الأمْرُ الشّرْعِيُّ؟

والجوابُ: الأمْرُ الكوْنِيُّ، أَي أنَّ جَمِيعَ الأمورِ تَرْجِعُ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، المتعَلِّقَة

<<  <   >  >>