للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفائِدَةُ الرابعةُ: أنَّ العَبِيدَ لا يَمْلِكُونَ؛ وجْهُ ذَلِك أنَّه إِذا انْتَفَتْ مُشارَكَتُهم لأَسْيادِهِم في أموالهِم فغَيْرُهم مْن بَاب أَوْلى، وانْفِرادُهم أيْضًا مِن باب أَوْلى إِذا كَانُوا لَا يمْلِكُون المُشارَكَةَ مِع أسْيَادِهم، فَالغَير مِن بَاب أَوْلى، والَّذِي لَا يمْلِكُ المُشارَكةَ لَا يمْلِكُ الانْفِرادَ، فالَّذِي لا يَمْلكُ المُشارَكَة مَع سيِّدِه وَهُو أقْرَبُ مِن غيْرِه فَلا يمْلِكُ مَع غيْرِه، هَذا مَع أنَّه جاءَ في الحدِيث الصَّحيحٍ عَنْ رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنَّه قَال: "مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُه لِلَّذِي بَاعَهُ إِلّا أَنْ يَشْتَرِطَ المُبْتَاعُ" (١)، قَالَ: "فَمَالُه لِلَّذِي بَاعَهُ".

ولَا تظُنَّ أنَّ هَذا مِن بَاب التَّنافُرِ حيْثُ أضَافَ المَالَ إِلَيْهِ ثمَّ قَال: "مالُه لِلَّذِي بَاعَهُ"؛ لأَنَّ الإِضافَةَ ليْسَتْ لِلتَّمْليكِ ولكِنَّها للاخْتِصَاصِ كَما تَقُول: سَرْجُ الدَّابَّةِ، وزِمَامُ الدَّابَّةِ، وحُجرة الدَّابَّةِ، ومَا أشْبَه ذَلِك.

الفائِدَةُ الخامسةُ: الرَّدُّ عَلَى أهْلِ الاشْتراكِيَّةِ الَّذِين قالُوا: إِنَّ الآيَةَ تدُلُّ عَلَى ثُبوتِ الاشْتراكِيَّةِ؛ لقوْلِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ}، يعْني ليْسَ فِيها دَليلٌ عَلَى ثُبوت الاشْتَراكِيَّة خِلافًا لمَنْ قَال ذَلِك، بَلْ فِيها دَليل عَلَى نَفْي الاشْتِراكِيَّةِ؛ لأَنَّ قوْلَه تَعالَى: {فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ} مِن مَدْخُولِ النَّفْي، {هَلْ لَكُمْ} يعْنِي: لا يُمْكِنُ أنْ يكُونَ هكَذا، فالمَمْلوكُ لَا يكُونُ شَرِيكًا.

الفائِدَةُ السادسةُ: أنَّ هَذا القُرآنَ مُفَصِّلٌ للآيَاتِ؛ لقوْلِه تَعالَى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} [الأعراف: ٣٢].


(١) أخرجه أبو داود: كتاب البيوع، باب في العبد يباع وله مال، رقم (٣٤٣٣)، والترمذي: كتاب البيوع، باب ما جاء في ابتياع النخل بعد التأبير والعبد وله مال، رقم (١٢٤٤)، والنسائي: كتاب البيوع، باب العبد يباع ويستثنى المشتري ماله، رقم (٤٦٣٦).

<<  <   >  >>