للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنَّه لوْ كَان عَلَى الصُّورةِ المُوجودَةِ حاليًا لا شَكَّ أنَّه سيُكْتَب علَيْها، مثلًا (الصَّلاةَ) الصّورةُ الحاليةُ - يعْنِي القاعِدَةُ الحاضِرة - أن تكتب بعْدَ الصّادِ (لامَ ألف)، لكِن عَلَى الرَّسم العثمَانِي مكتوبٌ (لَام واوٌ)، الزّكاة مثلُها، والرِّبا أيضًا بالواوِ معَ أنَّها عَلَى الرّسمِ الموجُودِ بالألِف.

فالحاصِلُ: أنَّ بعضَ العُلَماءِ يقُول أنَّه يجُوزُ أنْ يُكتَب القُرآنُ عَلَى القَواعِد المعْرُوفةِ حَاليًا، وتعْلِيلُهم أَنَّ هَذا الرَّسْم شكلٌ صادَف أنَّه في ذَلِك الوَقْتِ عَلَى هَذا النّحوِ فكَتبوه، وليْسَ القُرآنُ نَازلًا مكْتُوبًا بِهَذا, ولَو كَان نَازِلًا مكْتُوبًا بِهَذا لقُلْنا: رُبَّما لَا يجُوزُ لكِنَ هَذا اصْطِلاحٌ، وَإِذا كَان اصْطِلاحًا فكُلُّ مَا يتأَدَّى بِه الغَرضُ فإِنَّهُ يجُوزُ.

ومنْهُم مَن يقول أنَّه لا يَجُوزُ مُطلَقًا أنْ يخالَف الرَّسْمُ العثْمانِيُّ، وأنَّهُ يَجِبُ أنْ يَبْقى الرَّسْمُ حتَّى لو رُسِمَتْ لِلصِّبْيانِ عَلَى السّبورةِ يَجِبُ أنْ يكُونَ بالرَّسْم العُثْمانِيِّ احتِرامًا للقُرْآنِ.

ومنْهُم مَن فَصَّل وقَال إِن المُبتدِئَ يجُوزُ أن نرْسُمَه لَهُ بحسَبِ القَواعِد المعْرُوفةِ عنْدَه، وغيْرُه لا يجوزُ، قالُوا: لأَنَّ المبتَدِئَ يحتَاجُ إِلَى تعْلِيمٍ، ولَو أنَّك كتبْتَه بالرَّسْم العُثمَانِيِّ للمُبتَدِئِ، وقلْت {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَوا} [البقرة: ٢٧٦]، فإنَّه سيقْرَؤُها: (يمحق الله الرِّبَوْ)، وفي (الزّكاة) سيَقُول: (الزّكَوَة)، وفِي الصّلاة سيقولُ: (الصَّلَوَة)، وما أشْبه ذَلِك، بِخِلَافِ الإنْسان العالِم فإِنَّهُ يكتُبه بالرَّسْم العُثْمانِيِّ.

وأيًّا كَان مِن هَذِهِ الأَقْوال صَحِيحًا فإنَّ مَا يفْعَلُه بعْضَ النَّاس اليومَ مِن حيْثُ إنَّهم يكْتُبونَ القُرآنَ عَلَى صورةِ النُّقوشِ ويجْعَلُونها في بَراوِيزَ أيُّهم أحْسَنُ نقْشًا؟ ! فإنَّ هَذا محُرَّمٌ عَلَى كلِّ الأقوالِ؛ لأنَّنا إذا عمِلْنا هَذا العمَل كأنَّنا جعلْنَا القُرآنَ وشْيًا وتطْرِيزًا، فتَضِيع قيمَتُه، وأقْبَحُ مِن ذَلِك أنْ يُجْعَل عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ، فقَدْ شاهدْتُ في منشورٍ

<<  <   >  >>