صورةَ إِنْسَانٍ في آيَةٍ مِن القُرآنِ جُعِل الرّأسُ والرِّجْلانُ كأنَّه جالسٌ مفتَرِشٌ، أعوذُ باللهِ، مُضادَّةٌ ظاهِرَةٌ ومُحَادَّةٌ للهِ ورسُولِهِ، الصّورةُ محرَّمَةٌ فكيْفَ تَكتُب بِها القُرآنَ، تجْعَلُها كِتابَةً لِلْقُرآنِ.
والحاصِلُ: أنَّ النّاسَ - نسْأَلُ الله لنَا ولهم الهِدايَةَ - صَارُوا يُبالِغُونَ في أشْياءَ تضرُّهُم، ولَا تنْفَعُهم بِالنِّسبَةِ للْقُرآنِ الكَرِيم.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَوْ كُتِب القُرآنُ الكَرِيمُ بالرَّسْم الحدِيثِ لضَاعتِ القِرَاءاتُ؟
قُلْنَا: صحيحٌ، لكِنَّ الَّذِين يقُولونَ بالجَوازِ يقُولونَ: نحْنُ نكْتُبهُ عَلَى قِرَاءَةٍ واحِدَةٍ، والقِراءَاتُ الآنَ ضُبِطَتْ ليْسَ بِالرَّسْم، بَل ضُبِطَتْ الحرَكاتُ، وما سمعتُ بإجْمَاعٍ في هَذِهِ المسأَلةِ، فالخلافُ في هَذا مشهُورٌ، ولَا يُوجَدُ إجْمَاعٌ.
والبحثُ الثّاني: في قوْلِه تَعالَى: {فِطْرَتَ اللَّهِ}، مَا الَّذي نصبَها؟
الَّذِي نصَبها فِعْلٌ محذُوفٌ قدَّره المُفَسِّر بقولِه: (الزَموا)، أي: الزَموا فطْرَة الله، ومثْل هَذا يقُولونَ أنَّه منصُوبٌ عَلَى الإغْراءِ، فهُو إِذَنْ أبْلَغُ مِن ذِكْر العامِل الَّذِي هُو (الزَموا)، فحذْفُه أبْلَغُ لأنَّهُ إِذا وُجِد العامِل تقيَّدَتِ الجُملَةُ بِه، لكِن إِذا حُذِف العامِلُ صارَتِ الجمْلَةُ صالِحةً لَهُ ولِسواهُ مِمَّا يُمْكِنُ أن يتسلَّط عَلَى المعْمُولِ: (الزَمُوها)، (اعْتَنُوا بِها)، (تمسَّكُوا بِها)، ومَا أشْبَه ذَلِك؛ فلِهَذا يقُولونَ أنَّه منْصُوبٌ عَلَى الإِغراءِ، وهُو المُبالَغَةُ في الحثِّ.
المبحث الثالث: كلمة {فِطْرَتَ} مشتقَّة مِن (فَطَرَ الشّيء) أي ابْتَدعَهُ عَلَى غيْرِ مِثالٍ سابِقٍ كَما في قوْلِه تَعالَى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [فاطر: ١]، أيْ: مبْدِعهُما عَلَى غْير مِثالٍ سابِقٍ، هَذِهِ الفِطْرةُ أبْدَعها الله عَزَّ وَجَلَّ في الإِنسانِ أوْ في النَّاس كَما في
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute