الوَجْهُ الأوَّلُ: أنْ نقولَ المراد بالنَّاس النَّاس من حيْثُ هم ناس بقطعِ النَّظر عما يتصفونَ به من الإِيمَان أو الكفرِ.
الوَجْهُ الثَّاني: أنَّ المرادَ بالنَّاس الكفَّارُ فيكون عامًّا أُريدَ به الخاصُّ، مثل قوْله تَعالَى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}[آل عمران: ١٧٣]، {النَّاسَ} الأولى يراد بها واحد وهو نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ أو غيرُه. وقوْله تَعالَى:{إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا} المرادُ بـ {النَّاسَ} الثَّانية واحد وهو أَبُو سُفْيَانَ أو جنسُ أتباعِه.
المُهِمُّ: أن كلمة {النَّاسَ} في قوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ} المرادُ بها أحدُ أمرين:
* إِمَّا أن يراد بها الكافرون عينًا.
* أو المُؤْمِنُونَ والكَافِرُونَ، وهذا لا يصح؛ لأَنَّ الحال الَّتِي ذكر الله لا تنطبق عَلَى المُؤْمِنِينَ.
إذا قُلْنَا: الرَّحمة مطرٌ صارت الشّدةُ القحطَ، وهو عدمُ المطرِ، والأمر ليس كما قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ بل هو أعم؛ لأَنَّ كلمةَ {ضُرٌّ} نكرةٌ في سياق الشَّرط، فتكونُ للعُمُومِ، أَيُّ ضر يكون سواء قَحْط أو مرض أو فَقْدُ مالٍ أو غيرُ ذَلِك، فإنهم عندما يُصابونَ بضرٍّ {دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ} راجعين إليه، كقوْله تَعالَى:{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[العنكبوت: ٦٥]، فإذا أُصيبوا بالشِّدة عرفوا الله، خلاف ما أمر به النَّبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في قوله: "تَعَرَّفْ إِلَى الله في الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّةِ" (١)،