وأداةُ الاسْتِفْهامِ لها الصّدارة، فإذا لم تسبق الواو بشيء يعطف علَيه فما هُوَ الجواب؟
نَقُول: إنَّ لعُلَمَاء النّحو فِي مثل هَذَا التّركيب قوليْن:
القولُ الأول: أن الواو عاطفة عَلَى مُقَدَّرٍ بعد الهمزةِ.
القولُ الثاني: أنَّ الواو عاطفة عَلَى مَا سبق، وَعَلَى هَذَا فتكون الهمزةُ مقدمة قبل العاطف وذكرنا أن هَذَا الرّأي أولى لأَنَ الأول وإن كَانَ جيدًا من حيْثُ الأسلوبُ لكِنَّهُ فِي بعض الأحيان يصعُبُ عَلَى الإنسان أن يقدِّرَ شَيْئًا يرى أنه مناسبٌ للسياقِ.
وعليه فيكونُ القولُ بأن الهمزةَ للاسْتِفْهام وأن الواو مُقَدَّرَةٌ قبلها يعني وَألم يَرَوْا أَسْهَل.
قوْله تَعالَى:{يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} لا شك أن بَسْطَ الرِّزقِ وتضييقهِ ابتلاءٌ من الله سبحَانَهُ وتعالى وَذَلِكَ لأَنَّ العبدَ أحيانًا يناسبُه أنْ يُبْسَطَ له الرِّزقُ وأحيانًا بالعكس حسب مَا تقتضيه الحكمةُ.
قوْله تَعالَى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}: {إِنَّ فِي ذَلِكَ}، أي فِي بسطِ الرّزقِ وتضييقِه {لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}{لَآيَاتٍ} الَّذي نصَبَها {إِنَّ} فهي اسمُها مُؤَخَّرًا و {فِي ذَلِكَ} خبرُها مُقَدَّمًا.
وقوْله تَعالَى:{لَآيَاتٍ} أي لَعَلَامَاتٍ دالةٍ عَلَى أن الله سبحَانَهُ وتعالى له التّصرفُ المطلقُ فِي عباده، وأظنُّنا نرى أحيانًا مِن بعض النَّاس أنَّه يسعى بقدر مَا يستطيع فِي أسبابِ الرّزق ومع ذَلِك لا ينتجُ، تجدُه يبيع ويشتري ويسافر يضرب فِي الأرْض يبتغي من فضلِ الله ومع هَذَا لَيْسَ كثيرَ المالِ، مُضَيَّقٌ علَيْه، وتجد بعض النَّاس يسعى سعيًا بسيطًا ولكن الله تَعالَى يبارك له فِي سعيه حتى يَكُون عنده رزق كثير مما يدل