للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْنَا: ليْسَ مِن أسْمَاءِ الله، لكنَّ الله جَلَّ وَعَلَا يُنْعِمُ، فَهِي صِفَة، قَال الله تَعالَى: {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ} [المائدة: ١١]، ولا تَكُونُ نِعْمَة بِدُون مُنْعِمٍ، وَكَذلِكَ قوْله عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]، يُؤْخَذُ منْهَا (المنْعِم).

أمَّا (المحْسِنُ) فوَرَدَ أنَّه مِن أسْمَاءِ الله عَزَّ وَجَلَّ في قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الله مُحْسِنٌ، كَتَبَ الإحسَان عَلَى كُلِّ شَيْ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القتْلَةَ" (١)، وَبِهذَا يَزُولُ الإشْكال الَّذي يَرِدُ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ النّاسِ، في التّسْمِيَةِ بـ (عَبْد المحْسِنِ).

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَل يَجُوز التّسمِّي بعبْدِ المنْعِم؟

قُلْنَا: إِنْ ثَبَت أنَّه مِن أسْمَاءِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وإلا فَقَدْ يقُولُ قَائِلٌ: إنَّه يجُوزُ؛ لأَنَّ المنْعِم عَلَى الإطْلَاقِ هُوَ الله عَزَّ وَجَلَّ، وكُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ نعْمَة فهِي مقيَّدَةٌ، وإلا فقَوْلُنا: (أنْعَمْتَ علَيْهِ) تكُونُ حتَّى للإنْسَانِ، قَال تَعالَى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: ٣٧].

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ابْنُ حزمٍ رَحِمَهُ اللهُ يقولُ بجوازِ التّسْمِيَةِ بـ (عبْدِ المطَّلبِ) (٢)؟

قُلْنَا: هَذا غلطٌ مِنه رَحِمَهُ اللهُ، والتّسمِيَةُ بهِ ليْسَتْ سلِيمَةً.

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هَل يجُوز التّسمِّي بـ (حَمِيد) و (مُحْسِن)؟

قُلْنَا: هَذا لَيْس بالأحْسَنِ، لكِنْ إِذا لم تُقْصَد الصّفةُ فَلا بَأْسَ، فقَدْ وَردَتِ التّسمِيَةُ بِـ (حَكِيم) في عهْدِ الرّسولِ عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ولم يُغَيِّرْه، معَ أنَّ الحكِيمَ مِنْ أسْمَاءِ الله؛ لأنَّهُ ما أُرِيد بِه الصّفَة، فأسْمَاء الله عَزَّ وَجَلَّ يُرادُ بِها إثْبَات الصّفَة مَع الاسْمِ،


(١) أخرجه مسلم: كتاب الصّيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الأمر بإحسان الذّبح والقتل وتحديد الشّفرة، رقم (١٩٥٥).
(٢) مراتب الإجماع (ص: ١٥٤).

<<  <   >  >>