للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ يُسمي أحدُهم وَلده بـ (حكيم) وهُوَ مِن أسْفَهِ النّاس، وَكَذلِكَ قدْ يُسمِّيه بـ (محُسن) وهُوَ مِن أشَدِّ النّاس جَوْرًا فضْلًا عَن الإحسَان، أمَّا (عبْدُ الحكِيم) فيَجُوزُ، ولَيْس فِيه شَيْءٌ، وَكَذلِكَ (عَبْد الحمِيدِ)، لأَنَّ الحمِيدَ مِنْ أسْمَاءِ الله عَزَّ وَجَلَّ، قَال تَعالَى: {هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: ١٥].

لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوْله تَعالَى: {غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} إِلَى آخِرِه، هَل نقِفُ عَلَى الآيَات ولو تعَلَّق بِها ما بَعْدَها، أو نَصِلُ ونُرَاعِي المعْنَى؟

قُلْنَا: في هَذا قَوْلانِ لأَهْلِ العلْمِ:

فمِنْهم مَن يَرَى أنْ نَقِف عَلَى الآيَات، وَيقُولُ هَذا هُوَ الوَارِدُ عَنِ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ كَان يقْرَأُ القرآنَ آيَةً آيَةً (١)، والدّليلُ عَلَى ذَلِك أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ جعلَها آيَةً فتَقِفُ علَيْها ولَوْ تعلَّقَ بِها مَا بعْدَها، وَهَذا كثِيرٌ فِي القرآنِ، كَما فِي قوْلِه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: ٤]، هَذِهِ آيَةٌ فيَجوُز أنْ نقِفَ، وقوْلُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [البقرة: ٢١٩]، فيَجُوزُ أنْ نَقِفَ عَلى: {لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}، وقوله تَعالَى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} آيَةٌ، وقوله تَعالَى: {بِنَصْرِ اللَّهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.

وبعْضُ أهلِ العلْم يَرى أنْ تراعِي المعْنَى فتقِفَ عنْدَ انتِهَاءِ المعْنَى، ولَا تفصِلَ الآيَة عَنْ آيَةٍ تتعلَّقُ بِها.

وَلو قِيل بالتَّفْصيل، فَإِذا كانَ يَسْرِدُ وهُوَ يقْرَأُ فإِنَّهُ يَقِفُ عَلَى كُلِّ آيَةٍ؛ لأَنَّ الكلامَ لَنْ ينْقَطِع بَلْ سيَتَّصِل ويتَّضِحُ المعْنَى، وَإِذا كنْتَ تُريد أنْ تتكَلَّم عَلَى معَانِي


(١) أخرجه أبو داود: كتاب الحروف والقراءات، رقم (٤٠٠١).

<<  <   >  >>