قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{وَالْبَحْرِ} أي: البلادُ الَّتِي عَلَى الأنهارِ بِقِلَّةِ مَائِهَا، فمشى المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ عَلَى أن المُرَاد بالبَرِّ مَا سوى العمران، والمُرَاد بالبحر العمران الَّذي عَلَى شواطئ البحار، وَبِهذَا قَالَ كثير من المفسرين ولكن الصّواب أن المُرَاد بالبر مَا سوى البحر، والمُرَاد بالبحر الماء؛ لأَنَّ مَا ذكرناه هُنَا أعم مما ذكره المُفَسِّر وغيره وَهُوَ الأظهر أيضًا، فإن البحر إِذَا أُطلقَ فِي القرآن يُراد بِهِ الماء، ففساد البر كما قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ:[بالقحط وقلة النّبات] وفساد النّبات أيضًا بعد وجوده؛ وَلِهَذا أرسل الله عَلَى آل فِرْعَوْنَ الجرادَ والقُمَّلَ والضَّفادع والدَّمَ، أربع آفات، الجراد يفسد الزّروع بعد خروجها ويأكلها، القمل يفسد القوت، إِذَا حصد وأُدْخِلَ جاءه القمل وَهُوَ السّوس الَّذي يتلفه فَهُوَ مَا يدخل من السّوس فِي القوت يسمونه عندنا (النّخشية) وَهِيَ عبارة عن دودة تكون فِي الحبوب فتفسده وتأكله فيكون قشورًا فقط. والضّفادع بالماء، امتلأت مياههم ضفادع حتَّى إن الإنسان لا يستطيع أن يشرب الماء بسبب الضّفادع - والعياذُ باللهِ -. والدّم: الصّحيح أن المُرَاد بِهِ النّزيف وإن كَانَ بعض العلَماء يقول إن المُرَاد بالدّم أنْ يكُونَ الماء عند آل فرعون كالدّم والصّواب أنه النّزيف لأَن الله ذكر إفساد الماء بالضّفادع فكان القوت من أوله إِلَى آخره وغايته وَهُوَ الدّم لأَنَّ الدّم يَكُون من القوت فصارت الأقوات - والعياذُ باللهِ - لا تنفعهم لا قبل دخولها أجوافهم ولا بعد الدّخول، وهذا من فساد البر.
فكيف كَانَ الفسادُ فِي البحر؟
قال العلَماء يَكُون بموتِ الحيتان وفسادها، وَكَذلِكَ تَغَيُّرُ المياه وعدم اطرادها كالعادة.
وقوْله تَعالَى:{بِمَا كَسَبَتْ}: (الباء) للسببية و (ما) يحتمل أن تكون مصدرية