ويحتمل أن تكون موصولة، إِذَا كانت موصولة فلا بد لها من عائد محذوف فالتّقدير بما كسبته أيدي النَّاس، وإن كانت مصدرية لا تحتاج إِلَى عائد ويكون المَعْنَى بكسب أيدي النَّاس.
وقوْله تَعالَى:{أَيْدِي النَّاسِ} جمع يد والمُرَاد مَا كسبوا وَهَذا من أساليب اللُّغَة العرَبِيَّة أن يعبر باليد عن صاحب اليد وليس المُرَاد مَا كسبت اليد فقط؛ لأَنَّ المعاصي لا تكون بالأيدي فَقَطْ، بل تكون باليد وبالرّجل وبالعين وباللسان وبالأذن وكل الحواس يمكن لِلإِنْسَانِ أن يعمل بِهَا المعصية فيكون المُرَاد بالأيدي هُنَا الأنفس لا اليد الَّتِي هِيَ عضو من أعضاء البدن، وليست مجازًا لأنَّهَا بسياقها دالة عَلَى أن المُرَاد مَا كسبوه فلا تكون مجازا، أمَّا قوْله تَعالَى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ}[المائدة: ٣٣]، فالمُرَاد بـ {أَيْدِيهِمْ} الأعضاء فالكلمة فِي سياقها حقيقة فِي معناها وَلِهَذا لو أراد أن يصرف قوْله تَعالَى: {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ} إِلَى أن المَعْنَى أو تقطع أبدانهم مَا استطاع، كما أنَّه لو أراد أن يجعل بما كسبت أيدي النَّاس أي بما كسبت اليد نفسها فقط دون بقية الأعضاء مَا استطاع وَهَذا هُوَ وجه قول شيخ الإسْلام ابن تيمية رَحَمَهُ اللَّهُ أنَه لا مجاز فِي القرآن ولا فِي اللُّغَة العرَبِيَّة؛ لأنَّهُ إِذَا كانت الكلمة قد تعين معناها بسياقها صارت بمقتضى هَذَا السّياق حقيقة فِي هَذَا المَعْنَى وحِينَئِذٍ لا نحتاج إِلَى تأويل.
وقوْله تَعالَى:{النَّاسِ} أصلها أناس لكن حذفت الهمزة للتخفيف كما هِيَ فِي قَوْلِهِ فِي شر وخير وأصلها أشر وأخير وكما هِيَ فِي قوْله تَعالَى: {اللهَ} فإنَّ أَصْلَهُ