للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الألاه، هكذا قيل فِي الله وفي النّفس من هَذَا شيء.

قال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{لِيُذِيقَهُمْ} (الياء) و (النُّون) بعض الَّذي عَمِلُواْ].

{لِيُذِيقَهُمْ}: (اللام) هُنَا للتعليل والمعلل مُتَعلَّقُ هَذِهِ اللام واللام متعلقة بـ (ظهر) هَذَا هُوَ المعلل ظهر لأجل أن يذيقهم، وفيها قراءتان سبعيتان وَهِيَ (لِيُذِيقَهُمْ) (١)، مضاف فِيهَا الفعل إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ أو {لِيُذِيقَهُمْ} مضاف فِيهَا الفعل إِلَى ضمير الغائب، ومع ذَلِك فإن هَذَا الغائب يعود إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وقوْله تَعالَى: {لِيُذِيقَهُمْ} يُعبر دَائِمًا بالإِذَاقَة عن الإصَابَة لأَنَّ الذّوق هُوَ أعلى أنواع الإدراك الحسي، فإن الإنسان يسمع بالشّيء ثمَّ يراه ثمَّ يذوقه، أقول لك عندي تفاحة إدراكك للتفاحة الآن بالسّماع ثمَّ أُخرجها وأريك إياها يَكُون بالرّؤية، والرّؤية أقوى من السّماع ثمَّ أُعطِيكها فتأكلها فيكون هَذَا بالذّوق وَهَذا أعلى مَا يكون؛ لأني إِذَا قلت عندي تفاحة ولم ترَها أنْتَ يحتمل أن قولي هَذَا كذب، وَإِذَا أريتك إياها ولكنك مَا ذقتها يحتمل أن تكون نباتًا آخر يشبه التّفاحة ويحتمل أن تكون من التّفاح الصّناعي الَّذي يصنعونه من البلاستيك تشاهده كأنه تفاح حقيقي، فإذا ذقتها صارت حق اليقين؛ وَلِهَذا يعبر الله عَزَّ وَجَلَّ دَائِمًا عن الإصَابَة بالإِذَاقَة لأنَّهَا أعلى أنواع الإدراك.

وقوْله تَعالَى: {بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا}؛ قَالَ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: أأي عقوبته، لأَنَّ الَّذي عملوا غير الفساد الظّاهر فِي البر والبحر ولكن الفساد هُوَ عقوبته.

قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: لماذا عبر عن العقوبة بالفعل؟


(١) الحجة في القراءات السبع (٥/ ٤٥١)، وهي قراءة ابن كثير.

<<  <   >  >>