للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوْله تَعالَى: {لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} المُرَاد بالدّين هُنَا العمل وقد سبق أن الدّين فِي القرآن يراد بِهِ العمل والجزاء فقوْله تَعالَى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} [الفاتحة: ٤] وقوْله تَعالَى: {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨)} [الانفطار: ١٨] المُرَاد بالدّين الجزاء وأما قوْله تَعالَى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]، وقوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩]، فالمُرَاد بِهِ العمل كما فِي هَذِهِ الآية.

وقوْله تَعالَى: {الْقَيِّمِ} القيم ضد المعوج كما قَالَ تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: ١٥٣]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا} [الأنعام: ١٦١]، يعني قَيِّمًا، فدينُ الإسْلام دين مستقيم لَيْسَ فِيهِ اعوجاج لا بالنّسبة لمعاملة الله عَزَّ وَجَلَّ وَهِيَ العبادة ولا بالنّسبة لمعاملة المخلوق، وَلِهَذا تجد فِي المعاملات حرم الكذب والغش والخديعة وما أشبه ذَلِك، وحرم الجور والظّلم، وتحريم تفضيل الأولاد وما أشبه ذَلِك؛ لأَنَّ كل هَذَا خلاف الاستقامة، وفي العبادات حرم الشّرك والابْتداع لما فِي ذَلِك من الانحراف عن الصّراط المستقيم.

لَوْ قَالَ قَائِل: قوْله تَعالَى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩] هل يشمل الأَعمال الظّاهرة والباطنة؟

قوْله تَعالَى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩] هَذَا يشمل العقيدة ويشمل الأَعمال الظّاهرة، مثل الإسْلام إِذَا قرن بالإيمان كَانَ الإسْلام للأعمال الظّاهرة والإيمان للأعمال الباطنة، وَإِذَا أفرد أحدهما شمل الآخر.

قال المُفَسّر رَحَمَهُ اللَّهُ: [{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} وَهُوَ يَوْمُ القِيَامَةِ {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} قوْله تَعالَى: {مِنْ قَبْلِ} متعلق بـ (أَقِمْ) يعني أقمه من قبل هَذَا اليوم.

<<  <   >  >>