وقوْله تَعالَى:{يَوْمٌ} نُكر للتعظيم لأَنَّ هَذَا اليوم كما وصفه الله تَعالَى فِي قوْله تَعالَى: {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: ٥، ٦].
وقوْله تَعالَى:{مَرَدَّ} هَذَا مصدر ميمي أي لا رد لَهُ، يعني لا يمكن أن يرد هَذَا اليوم لأَنَّ الله تَعالَى قضى به.
وقوْله تَعالَى:{مِنَ اللهِ} متعلقٌ بصفة لـ (يوم) يعني من قبل أن يأتي يَوْم من الله، يعني هَذَا اليوم من الله لا من غيره، ويحتملُ أنْ يكُونَ متعلقًا بـ {يَأْتِى} أن يأتي من الله يَوْم، والأَول أبلغ أنْ يكُونَ صفة لـ (يوم) لأَنَّ كونه من الله يدل عَلَى عظمته وأنه لا يمكن أن يرد هَذَا اليوم.
وقوْله تَعالَى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ} إِذَا قَالَ قَائِلٌ: هَذِهِ الآيَة خوطب بِهَا النَّاس فِي عهد الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - ومعلوم أن القِيَامَة لا تكون فِي عهد الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - فكيف قَالَ:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ}؟
فالجوابُ: أنَّ الموتَ واقعٌ حتَّى فِي عهد الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - ومن مات قامت قيامته وانقطع عمله ولا فرق بَيْنَ من يموت فِي ذَلِك الوقت وبين من يموت وَهُوَ آخر النَّاس موتًا بالنّسبة لانقطاع العمل كل منهم انقطع عمله، فكأن من يموت فِي عهد الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - كأنه بلغ يَوْم القِيَامَة؛ وَلِهَذَا يقول العلَماء: إن موت الإنسان قيامة بالنّسبة إِلَيْهِ وَهُوَ قيامة صغرى بالنّسبة إِلَى عُمُوم النَّاس لأَنَّ العمل انقطع وانتهى.
وقوْله تَعالَى:{لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} يفيد بأن هَذَا أمر لا بُدَّ أن يقع وَهُوَ كَذَلِكَ فإن يَوْم القِيَامَة هُوَ الَّذي من أجله خُلق النَّاس، خلق النَّاس لعبادة الله، وجزاؤها يَكُون يَوْم القِيَامَة.