للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: ٢٥]، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: ١٣]، وثبت عن النَّبيّ عَلِيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّ "مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ" (١).

فإذا قِيلَ: هل هَذَا يناقض الآية {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفرُهُ}؟

فالجوابُ: لا يناقضها لأنهُ إِذَا كَانَ هُوَ السّبب فإن ذَلِك من عمله لكن صورة المَسْأَلة مختلفة أنَّه عمل غيره وعمل نفسه، إنما حقيقة الأمر أن الدّال عَلَى الكفر فاعل لما يؤزر عليه.

قوْله تَعالَى: {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفرُهُ} الكفر فِي اللُّغَة العرَبِيَّة هُوَ السّتر ومنه الكُفُرَّى الَّذي هُوَ غلاف طَلْعِ النّخل، فالكفر فِي الأصل هُوَ هَذَا والمُرَاد بِهِ الخروج عن طاعة الله، لأَنَّ الخارج عن طاعة الله قد ستر مَا أنعم الله بِهِ علَيْه من العقل والعِلْم وما أشبه ذلك.

وقوْله تَعالَى: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا} قَالَ أهل العلم: العمل الصّالِح هُوَ مَا جمع شرطين أساسيين أحدهما الإِخْلاص والثّاني المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، والإِخْلاص ضده الشّرك، والمتابعة ضدها الابتداع فمثلًا إِذَا وجدنا رجلًا يصلي الصّلاة المعتادة لكِنَّهُ يرائي النَّاس بِهَا فعمله لَيْسَ بصالح لأنه فقد الإِخْلاص، وَإِذَا وجدنا رجلًا قد أحدث نوعًا من العبادات لم يُرِدْ بِهِ الشّرع لكِنَّهُ مخلص يريد بِذَلِكَ وجه الله وتجده خاشعًا يبكي ويتأثر بهذه العبادة لكنها عَلَى غير شريعة الله فَهَذَا عبادته باطلة،


(١) أخرجه مسلم: كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة، رقم (١٠١٧).

<<  <   >  >>