ومن ذَلِك مَا إِذَا أخرج العبادات المشروعة عما شرعت عليه، وَهِيَ عبادة مشروعة فِي الأصل لكن أخرجها عما كانت علَيْه، فإِنَّهُ لا يُقبل عمله كما لو صلى الصّلاة بعد خروج وقتها متعمدًا بدون عذر فَهَذَا لا يقبل مِنْهُ لأَنهُ لا توجد متابعة هُوَ مخلص لكِنَّهُ غير متابع، وَكَذلِكَ لو صلى صلاة لا يطمئن فِيهَا إِذَا قَالَ:(سمع الله لمن حمده) سجد بسرعة إِذَا قَامَ من السّجود سجد الثّانية بسرعة فصلاته باطلة، لو صلى إِلَى يَوْم الدّين مَا قَبِلَ الله مِنْهُ لعدم المتابعة، وَلهذا لما صلى رجل صلاة لا يطمئن فِيهَا قَالَ لَهُ الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجعْ فَصَلّ فَإِنَّكِ لَمْ تُصَلّ"(١)، فنفى عنه الفعل لانتفاع صحته وإلَّا فإِنَّهُ قد صلى لكنها ليست صلاةً، ولو سألتَهُ لماذا صليتَ؟ قَالَ: مَا صليتُ إِلَّا لله، لكِنَّهُ خَالَفَ أمْرَ الله.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل هَذَا يُنافي الإِخْلاص؟
قُلْنَا: لا ينافي الإِخْلاصَ، فالإِخْلاصُ فِي القلب، وَهُوَ مَا قَامَ يصلي من أجل النَّاس، ولا همُّه النَّاس، فَهُوَ صلى لله، لَكِنَّهُ خالَف أمر الله.
لَوْ قَالَ قَائِل: هل يلزم المصلي أن يفقَه مَا يقولُ؟
قُلْنَا: لَيْسَ بلازم لكِنَّهُ أفضل إِذَا فقه مَا يقول، فإذا كَانَ قلبه حاضرًا يعني خاشعًا فِي صلاته وحاضر القلب فَهُوَ أفضل.
وهل المصلي يَكُون خشوعه فِي أمور داخلَ الصَّلاة أم خارجَها؟
(١) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يتم ركوعه بالإعادة، رقم (٧٩٣)، ومسلم: "كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وإنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، رقم (٣٩٧).