نفس الجزاء، فكيف يَكُون الشَّيء علة لنفسه؟ ! هَذَا مَا يبعد كلام المُفَسِّر رَحَمَهُ اللَّهُ، لكن إِذَا قيل يأتي هَذَا اليوم لأجل المجازاة صَارَ المَعْنَى مستقيمًا وواضحًا.
فإذا قُلْنَا: إن هَذِهِ اللام فِي قوْله تَعالَى: {لِيَجْزِيَ} - لأَنَّ اللام حرف جر - متعلقة ب {يَأْتِيَ} فَهُوَ أوضح من قولنا أنَّها متعلقة بـ {يُصَدَّعُونَ}؛ لأَنَّ نفس التَّصَدُّعَ والتّفريق إِلَى الجنَّةَ وإلى النّار هُوَ نفس الجزاء.
وقال بعض المعربين إنَّه خبر لمبتدأ محذوف، فَهُوَ متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوفٍ، والتّقدير ذَلِك ليجزي والمشار إِلَيْهِ مَا سبق، وَهَذا أيضًا وجيه جدًّا أن يُجعل متعلقًا بمحذوفٍ خبرًا لمبتدأ محذوفٍ.
قُلْنَا: إن اللام فِي قوْله تَعالَى: {لِيَجْزِيَ} حرف جر، والمعلوم أن حروف الجر لا تدخل إِلَّا عَلَى الأسماء، ومن علامات الاسم الجر، ومن أسبابه دخول حرف الجر علَيْه، صاحب الأجروميَّة يقولُ (١): (الاسْمُ يُعْرَفُ بِالخَفْضِ، وَالتَّنْوِينِ، وَدُخُولِ الأَلِفِ وَاللَّامِ، وَحُرُوف الخَفْضِ ... )، فكيف صحَّ أن نقول إن اللام فِي قوْله تَعالَى:{لِيَجْزِيَ} حرف جر مَعَ أنَّها داخلة عَلَى فعل؟
فنَقُول: لأَنَّ هَذَا الفعل بمنزلة الاسم، إذ إِنَّه فعل مُقَدَّرٌ فِيهِ (أَنْ) لأَنَّ التّقدير لأَنْ يجزيَ، و (أنْ) مصدرية تحول الفعل إِلَى مصدر، والمصدر اسم، وعليه فيكون المَعْنَى لجزاء الَّذِين آمنوا وعملوا الصّالحات إِلَى آخره، فإذا دخلت اللام: لام التّعليل عَلَى الفعل، فإِنَّهُ يقدر بينها وبين الفعل أن المصدرية، والتّقدير: لأَنَّ يجزي فالفعل منصوب بـ (أن) مضمرة بعد اللام، واللام جارة لما بعدها باعتبار أن الفعل سيكون مصدرًا، فهي نفسها حرف جر وَهِيَ نفسها لام التّعليل الَّتِي يُنْصَب الفعل المضارع