للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكُون بِنُزولِ المَطرِ علَيْها، فيَكُونُ في هَذِهِ الآية إشَارَةٌ إِلَى مَا ورَد في الحديثِ مِنْ أنَّ الله تَعالَى يُمْطِرُ عَلَى القُبورِ مَطرًا غَلِيظًا كَمَنِيِّ الرّجالِ أرْبَعِينَ يوْمَا تنْبتُ مِنْهُ الأجسادُ في القُبورِ (١)، ثمَّ بعْدَ ذَلِك تخْرُج إِذا نُفِخ في الصّور، وَهَذا ورَدَتْ بِه أحادِيث في إسْنَادِها مقَالٌ، لكِنَّ مجمُوعَها يقْضِي بأنّها أحادِيثُ حسَنَةٌ، وظَاهِرُ القرآنِ أيضًا يُشيرُ إلَيه.

وقوْلهُ رَحَمَهُ اللهُ: [بالبِنَاءِ للْفَاعِل والمْفُعولِ]: البَناءُ للفاعل "تَخْرجُون"، وللمَفْعول "تُخْرجَوُن"، قراءَتَانِ سبْعِيَّتانِ (٢)، لأَنَّ مِن عادَةِ المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ أنَّه إِذا إلى بقِرَاءَةِ شاذَّةِ يقولُ: (وَقُرِئ).

من فوائد الآية الكريمة: :

الفائدة الأولى: بَيانُ قُدْرَةِ الله عَزَّ وَجلَّ؛ حيْثُ يُخرِجُ الحيَّ مِن الميَتِ وبالعَكْس، وَهَذا مِن تمَامِ القُدْرَة أنَّه يُخرِج الشّيْءَ مِن ضِدِّه.

الفائدة الثانية: قُدْرَتُه عَلَى إحْيَاءِ الأرْض مِنْ بعْدِ موتها؛ لقوْلِه تَعالَى: {وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}.

الفائدة الثالثة: ثُبوتُ قِيامِ الأفْعَالِ الاخْتِيارَّية باللهِ عَزَّ وجلَّ، وَالأفْعالُ الاخْتِيارِّيةُ هِي التي يفْعَلُها بمشِيئَتِه، إِنْ شَاء فَعَلَ وإِنْ شاءَ لَمْ يفْعَلْ؛ تُؤخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى:


(١) أخرج الحاكم في المستدرك (٤/ ٤٩٧) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "ثُمَّ يَكُونُ بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ مَا شَاءَ الله أَنْ يَكُونَ، فَلَيْسَ مِنْ بَني آدَمَ خَلْق إِلَاّ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ: فَيُرْسلُ الله مَاءَ مِنْ تَحْتِ العَرْش كمَنيِّ الرِّجَالِ، فَتَنْبُتُ لحُمَانُهُمْ وَجُثْمانُهُمْ مِنْ ذَلِكَ المَاءِ، كما يُنْبتُ الأَرْضُ مِنَ الثَّرَى"، ثُمّ قَرَأَ عبد الله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (٩)} [فاطر: ٩].
(٢) إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر (ص: ٣٩٥).

<<  <   >  >>