للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ}، وقوْلِه تَعالَى: {وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} والبَعْدِيَّةُ تقْتَضِي حُدوثَ هَذَا الشّيْءِ، وقِيامُ الأفْعَالِ الاخْتِيارَّيةِ باللهِ عَزَّ وَجَلَّ هُو الَّذي علَيْهِ أهْلُ السّنَّةِ والجمَاعةِ قاطِبَةً، ولَا أحَدَ منْهُمْ أنْكَر ذَلِك، فيُثْبِتُونَ الاسْتِواءَ عَلَى العرْشِ فعْلًا لله، والنزولَ إِلَى السَّماءِ الدّنْيا فعْلًا لله، والمَجِيءَ للفَصْل بيْنَ العِبادِ فعْلًا لله، والعجَبَ فعْلًا لله، والضَّحِكَ فعْلًا لله، والخلْقُ فِعْلًا لله، وَيقُولونَ إِنَّ الله تَعالَى يفْعَلُ مَا يشَاءُ، كيْفَ شَاءَ، متَى شَاءَ.

ولكِنَّ أهْلَ البدَعِ مِن المُعْتزِلة والأشعَرِيَّة وغيرِهم يُنْكِرُون قِيامَ الأفْعالِ الاخْتِيارِّيةِ بِه، وَيقُولونَ لَو قامَتْ بِه الحوادِثُ لكَان حادِثًا، واللهُ تَعالَى لَمْ وَلا يَزالُ، فنَقُولُ: هَذا قولٌ بَاطِلٌ؛ أوَّلًا لأنهُ قِياسٌ في مُقابَلَةِ النّصِّ، فإِنَّ النُّصوصَ متكاثِرَةٌ في إثْبَات الأفعالِ الاخْتِيارِّية للهِ عَزَّ وَجَلَّ التي تتعَلَّقُ بمشِيئَتِه، وثَانِيًا قوْلُكُم إِنَّ الحوادِثَ لَا تَقُوم إِلا بحَادِثٍ ليْسَ بِصَحِيحٍ فإِنَّ الحوادِثَ لَا تَقُومُ إِلَّا بِكامِلٍ قَادِرٍ عَلَى مَا يَشَاءُ، أمَّا كوْنُها لَا تقُومُ إِلا بحَادِثٍ فَما هُو العَقْلُ الَّذي يُوجِبُ هَذا.

الفائدة الرابعة: قِياسُ الغِائِبِ عَلَى الشّاهِدِ؛ لقوْلِه تَعالَى: {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}، فإِنَّ قِياسَ الغائِب عَلَى الشّاهِد لَيَحْمِلُ عَلَى الإقرار بِه طريقَةً مُتبعَةً.

الفائدة الخامسة: إثْبَاتُ البَعْثِ لقوْلِه تَعالَى: {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}.

الفائدة السادسة: إثْبَاتُ القِياسِ مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ}، وإثْبَاتُ القِياسِ لَه أدِلَّةٌ كثِيرَةٌ في القُرآنِ منْهَا عَلَى سَبِيل التّعْمِيم والحدِّ كُلُّ مَثَلٍ ضَربَه الله في القُرْآنِ فَهُو وإلى عَلَى ثبُوتِ القِيَاسِ، {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: ٢٤] و {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} [البقرة: ١٧] ومَا أشْبَه ذَلِك، فإِنَّ الأمْثَالَ ضَرْبُها تشْبِيهُ حالٍ بحالٍ، أوْ فَرْدٍ بِفَرْدٍ، فتكُونُ دالَّةً عَلَى ثُبُوتِ القِياسِ، وَكَذلِكَ القَصَصُ التي قَال الله

<<  <   >  >>