فلما كان آخر طواف على المروة نادى وهو على المروة وأمر الناس من لم يسق الهدي منهم أن يجعلوا نسكهم عمرة فجعلوا يراجعون النبي صلى الله عليه وسلم حتى قالوا: الحل كله يا رسول الله قال: الحل كله قالوا: نخرج إلى منى وذكر أحدنا يقطر منياً يعني من جماع أهله قال: افعلوا ما آمركم به فلولا أن معي الهدي لأحللت معكم فأحلوا رضي الله عنهم. أما النبي صلى الله عليه وسلم ومن ساق الهدي فلم يحلوا ثم نزلوا بالأبطح (١) في ظاهر مكة فلما كان يوم التروية خرجوا إلى منى فمن كان منهم باقياً على إحرامه فهو مستمر في إحرامه ومن كان قد أحل أحرم بالحج من جديد.
وقوله:«لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة» هل يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم تمنى خلاف الواقع أو يقال إن هذا خبر مجرد الجواب: الثاني. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يتمنَ لأنه يعلم أن هذا هو الأفضل أعني قرانه، لكنه قال للصحابة رضي الله عنهم هكذا لتطيب نفوسهم ويحلوا برضى.
(١) الأبطح: بالفتح ثم السكون وفتح الطاء والحاء المهملة هو كل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح والأبطح يضاف إلى مكة وإلى منى لأن المسافة بينه وبينها واحدة وربما كان إلى منى أقرب وهو المحصب.. معجم البلدان ١/٥٦.