للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل الفضل بن الربيع إلى الرشيد فقال، يا أمير المؤمنين، ألا أبشرك؟ ألا أقول لك شيئا تقربه عينك يا أمير المؤمنين (١)؟ قال: وما هو؟ قال: رجل من آل شَافِعٍ يحسن كذا، وكان من مجلس قوم كذا، قرأ عليه ما جرى بينهم. فسر بذلك هارون، فقال: اخرج إليه فأعلمه أني قد رضيت عنه، وأَعْلِمْهُ بالرِّضا قبل الصِّلة، ثم صِلْه. قال: ثم خرج فأخبره. قال: فخر الشافعي لله تعالى ساجداً. ثم قال: وقد وصَلَك أميرُ المؤمنين بمالٍ، وقد وصلتك بمثل ذلك. قال: فدعا الشافعي بالحجَّام، فأخذ شعر رأسه، فأعطاه خمسين ديناراً.

أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال. سمعت محمد بن إبراهيم بن عمران الفارسيّ يقول: سمعت الدُّرَيْدِيَّ، يقول:

بلغني (٢) أنه لما أشخص الشافعي إلى «سُرَّ مَنْ رَأَى» دخلها وعليه دَرَنُ الطريق؛ فتقدّم إلى حجَّامٍ ليأخذ من شعره، فقدّم الحجامُ عليه أنظفَ ثوباً منه، ثم دعا بالشافعي، فلما فرغ من أمره أَمَر له بعشرين ديناراً. فعدا الحجام في طلبه معتذرا إليه، فقال له الشافعي: ارجع؛ أنت أجير استأجرناك ووفَّيْنَاك أجْرَك، ثم جعل يقول:

عليَّ ثيابٌ لو تُبَاعُ جميعُها ... بِفَلْسٍ لكَان الفَلْسُ مِنْهُنَّ أكْثَرَا

وفيهنّ نَفْسٌ لو يُقَاسُ بِبَعْضِها ... جَمِيعُ الوَرَى كَانت أجلَّ وأخْطَرَا


(١) في ح: «يقر عين أمير المؤمنين».
(٢) في ح: «بلغنا».
[م - ٩] مناقب