للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنت صديقاً لمحمد بن الحسن، فدخلت معه يوماً على هارون الرشيد فسأله. ثم إني سمعت محمدَ بن الحسن يُسِرُّ إليه - وهو يقول -: إن محمد بن إدريس يزعم أنه للخلافة أهل (١). قال: فاستشاط هارون من قوله ذلك غضباً. ثم قال: عليَّ به. فلما مثل بين يديه أطرق ساعة، ثم رفع إليه رأسه فقال: إيْهاً. قال الشافعي: وما إيْهاً يا أمير المؤمنين؟ أنت الداعي وأنا المدْعُوّ، وأنت السائلُ وأنا المجيب.

قال: ما هذا الذي بَلَغني عنك؟ قال: وَمَا ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: بلغني أنك تقول: إنك للخلافة أهل؟ فقال: حاشا لله، لقد أفِكَ المبلِّغ وَفَسَق وأثم، إنّ لي يا أمير المؤمنين حرمة الإسلام، وذمَّةَ النسب، وكفى بهما وسيلة، وأحقُّ مَنْ أخذ بأدب الله، تعالى، ابنُ عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذابّ عن دينه، والمُحَامي عن أمته (٢).

قال: فتهال وجه هارون ثم قال: ليُفْرِخْ (٣) رَوْعُك، فإنا نَرْعَى حقَّ قرابتك وعِلْمِك. وأَمَرَه بالقعود واستدناه، ثم قال له: كيف عِلْمك بكتاب الله عز وجل؛ فإنه أَوْلى الأشياء أن يُبْتَدَأَ به؟


(١) في الأصل «أهلا» وإذا صحت الرواية تحمل على لغة من ينصب بإن: الاسم والخبر جميعاً.
(٢) في ا: «على أئمته».
(٣) قال في اللسان ٤/ ١٢: فرخ الروع وأفرخ ذهب الفزع، يقال ليفرخ روعك. أي ليخرج عنك فزعك؛ كما يخرج الفرخ عن البيضة، وأفرخ روعك يا فلان أي سكن جأشك.