للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمحط (١) الكفر وتغمط (٢) الحق؛ ليكون عوناً على التعارف، وبصيرة (٣) بالأكفاء فأَلَفَيْتُ أوائِلَنَا أفخاذا وعَمائرَ وفصائلَ، وجملته قبائلَ وعَشَائر، حتى ورثه الأصاغر عن الأكابر، وعمل به الخَلَف اقتداء بالسلف. وإني لأعرف (٤) جماهير (٥) الأقوام، ونسب الكرام، ومآثر الأيام، وفيها نسبة أمير المؤمنين ونسبتي (٦ ومآثر أمير المؤمنين ٦) ومآثر آبائه وآبائي.

قال: وكان هارون متكئاً فاستوى جالساً ثم قال: يا ابن إدريس، لقد ملأت صدري، وعظمْتَ في عيني، فعظني موعظة أعْرفُ فيها مقدارَ علمك، وكنه فهمك.

فقال الشافعي: على شريطة يا أمير المؤمنين. قال: هي لك، فما هي؟ قال: طَرْحُ الحشمة ورفع الهيبة، وإلقاء رداء الكبر عن منكبيك، وقبول النصيحة، وإعظام حقِّ الموعظة، والإصاخة (٧) لها (٨).

قال: وجَثَا الشافعي، رحمه الله، على ركبتيه، ومدّ يدَه غير مكترثٍ ولا مُحتشم، ثم أشار إليه بيده، فقال: يا ذا الرجل، إنه مَنْ أطال عِنَانَ الأَمْن في الغِرَّة، طوى (٩) عِذَار (١٠) الحَذَر في المُهْلة، ومن لم يُعوّل على طُرُف النجاة


(١) في ا: «تعميط وتمحط الكفر: يراد به ظهوره، من قولهم امتحط سيفه: سله. راجع اللسان ٩/ ٢٧٤.
(٢) في ا: «تخميط» وتغمط الحق: جحده.
(٣) في ا: «ونصرة».
(٤) في ا: «أعرف».
(٥) في ا: «جماهر».
(٦) ما بين الرقمين ليس في ا.
(٧) في هامش ا: «أصاخ له أي استمع.
(٨) ليست في ا.
(٩) في ا: «يطوى».
(١٠) العذار هنا كالعنان واللجام وزنا ومعنى راجع اللسان ٦/ ٢٢٤.