للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشافعي، رضي الله عنه: قال لي بشر المَرِيسي (١): إذا رأيتني أناظرُ إنساناً وقد علا صوتي عليه فاعلم أني ظالم، وإنما أرفع صوتي عليه لذلك.

وبإسناده قال: حدثنا سليمان، قال: حدثني أبو عبد الرحمن، المعروف بالشافعي، قال:

دخل بشر المريسي يوماً على الشافعي، وعند الشافعي رجل من أهل المدينة، وكان الشافعي، رضي الله عنه، عليلا متكئاً. فناظر بشر المَرِيسي المديني في إفراد الإقامة، فاحتج بشر على المدني، قال له: قد اجتمعنا جميعاً على أن المقيم للصلاة إذا ثَنَّى الإقامة فإنه قد أتى بالإقامة. واختلفنا (٢) فيه إذا أفرد، فالواجب أن يتجوز ما اتفقنا عليه، ويبطل ما اختلفنا فيه. قال: فلم يكن عند المدني جواب. فاستوى الشافعي جالساً مع علته، فقال: إن كان ما قلت يلزم صاحبنا فقد لزمك أن تقول بالترجيع في الأذان من قبل: إنا قد اتفقنا جميعاً على أن المؤذن إذا رحّع في أذانه كان قد أتى بالأذان، واختلفنا فيه إذا لم يرجّع. قال: فأسكت بشر. وعلم الجميع أن ما اعتل به على المديني ليس بعلة. وعاد الشافعي إلى اضطجاعه.

قرأت في كتاب زكريا بن يحيى الساجي، فيما حدثهم أحمد بن محمد بن بنت الشافعي، عن أبيه، قال: رأينا الشافعي يناظر محمد بن الحسن، بمنى في مسجد


(١) هو أبو عبد الرحمن: بشر بن غياث المريسي، مولى زيد بن الخطاب. أخذ الفقه عن أبي يوسف القاضي، وينسب إلى مريس، وهي قرية بمصر. روى عن حماد بن سلمة وابن عيينة. وتوفى سنة ٢١٨ كما في الأنساب ٣/ ١٢٨.
(٢) في الأصل: «واختلفا».