للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخيف، ومعهم يومئذ بشر المرِيسي، فأقبل محمد بن الحسن علي الشافعي، رحمهما الله، فقال: يا أبا عبد الله، بلغني أنك قد وضعت على أصحابنا كتاباً، ونحن نحب أن نناظرك عليه. فقال له الشافعي: لا نُريد ذلك؛ فإن المناظرة تنكت في القلب، ولك صداقة. فأبى إلا أن يناظر، فتناظر يومئذ. فقطعه الشافعي في مسائل شتى، فأقبل «الأَزْرَقِي (١)» فقيه أهل مكة، فقال لبشر: «كيف رأيت صاحبنا وصاحبكم»؟ قال، «رأيت صاحبكم على ثَبَجِ البحر، ورأيت صاحبنا يتمضمض من ثمادها». الثماد: الماء القليل.

أخبرنا أبو عبد الرحمن: محمد بن الحسين السُّلَمي، قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ، ببغْدَاد، قال: ذكر أبو القاسم: علي بن محمد بن نواس النخعي، القاضي: أن محمد بن علي بن عفان، حدّثه عن الرازي، قال: حج بشر المَرِيسي فلما قدم قيل له: من لقيت بمكة؟ قال: رأيت رجلا إن كان منكم لم تغلبوا، وإن كان عليكم فتأهبوا، وخذوا حذركم، وهو: محمد بن إدريس الشافعي.

ورواه زكريا الساجي، فيما قرأت من كتابه، عن عمرو بن سفيان


(١) هو أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق بن عمرو بن الحارث بن أبي شمر الغساني، أبو الوليد، ويقال: أبو عبد الله، جد أبي الوليد: محمد بن عبد الله الأزرقي صاحب تاريخ مكة.
روى عن مالك وابن عيينة والشافعي وغيرهم، روى عنه البخاري وأبو حاتم وعبد الله بن أحمد وغيرهم. قيل إنه توفى سنة ٢١٢، وقيل سنة ٢٢٢.
وله ترجمة في طبقات ابن سعد ٥/ ٥٠٨ ط. ب، والعقد الثمين ٣/ ١٧٦ – ١٧٨، وتهذيب التهذيب ١/ ٩ ٨