للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: سمعت أبا أحمد: محمد بن رَوْح، يقول: سمعت أبا إسماعيل الترمذي، يقول:

سمعت «إسحاق بن إبراهيم» يقول: كنا بمكة، والشافعي، بها، وأحمد بن حنبل. قال: وكان أحمد يجالس الشافعي، وكنت لا أجالسه، فقال لي أحمد: يا أبا يعقوب، مُرَّ، جالس هذا الرجل. فقلت له: ما أصنع به؟ سنه قريب من سننا، أترك ابن عيينة والمَقبُرِيّ وهؤلاء المشايخ؟! فقال أحمد: ويحك، إن هذا يفوت، وذاك لا يفوت.

قال: فجالسته فتناظرنا في كراء بيوت مكة، وكان الشافعي يُسَاهِلُ فيه، وكنت لا أساهل فيه. فذكر حديثاً، وأخذت أنا في الباب أسرد عليه وهو ساكت. فلما أن فرغت، وكان معي رجل من أهل «مرو» فالتفت إليه فقلت: «مردك لا كمالا نيست (١)» فعلم أني راطنت صاحبي بشيء هجنَّتْه فيه، فقال: تناظر؟ فقلت: لمناظرة جئت.

قال: قال الله، عز وجل: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ (٢)} نسب الديار إلى مالكيها أو إلى غير مالكيها؟

قال: وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم فتح مكة: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن (٣)» فنسب الديار إلى


(١) في طبقات الشافعية ٢/ ٨٩ «فقلت: مَردَك هكذا مر داك واكمالي نيست» ثم فسرها بقوله: يقول بالفارسية: هذا الرجل ليس له كمال. وفي معجم الأدباء ١٧/ ٢٩٦ «مردك كما لي نيست» وعقب عليها بقوله: قرية عندهم بمرو يدعون العلم وليس لهم علم واسع. راجع أيضاً آداب الشافعي ومناقبه ص ٤٢، ٤٣، ١٨٠ وهوامشها.
(٢) سورة الحج: ٤٠.
(٣) صحيح مسلم ٣/ ١٤٠٦، ١٤٠٨ والسنن الكبرى للبهقي ٦/ ٣٤